للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وضعف أدلة القول الثاني.

الشرط الثالث: أن يكون المجمعون عدولًا:

والعدالة، هي: ملكة راسخة في النفس تحمل صاحبها على ملازمة التقوى والمروءة (١).

وقد اختلف العلماء في اشتراط هذا الشرط على قولين، بعد اتفاقهم على أن الكافر الأصلي لا عبرة بمخالفته أبدا (٢):

القول الأول: أن العدالة شرط في الإجماع، فلا يقبل قول الفاسق مطلقا. وهو قول الجمهور (٣).

واستدلوا على ذلك بعدة أدلة، منها:

الدليل الأول: أن الأدلة على حجية الإجماع تتضمن العدالة، خاصة قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} (٤) إذ معنى الوسط هو: العدل.

الدليل الثاني: أن غير العدل أوجب اللَّه التوقف في أخباره بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} (٥) واجتهاده إخبار بأن رأيه كذا، فيجب التوقف في قوله، وإذا وجب التوقف في قبول إخباره، لم يحكم بقبول خبره (٦).

القول الثاني: أنه لا يشترط عدالة المجتهدين إذا بلغوا درجة الاجتهاد. وهو


(١) "مسلم الثبوت" (٢/ ١٢٣).
(٢) ينظر: "المستصفى" (١/ ١٨٣)، "الإحكام" لابن حزم (١/ ٥٨٠)، "الإحكام" للآمدي (١/ ٢٢٥)، "اللمع" (ص ٥١)، "نهاية السول" (٢/ ٢٨٧)، "روضة الناظر" (٢/ ٤٥٨). أما المبتدع بدعة مكفرة، فلا يعتد بقوله عند مكفره بارتكاب تلك البدعة، وأما من لا يكفره، فهو عنده من المبتدعة المحكوم بفسقهم.
(٣) "تيسير التحرير" (٣/ ٢٣٨)، "كشف الأسرار" (٣/ ٢٢٧)، "العدة" (٤/ ١١٣٩)، "المسودة" (ص ٣٢١)، "مختصر ابن الحاجب" (٢/ ٣٣).
(٤) البقرة: الآية (١٤٣).
(٥) الحُجُرات: الآية (٦).
(٦) انظر في هذه الأدلة عدا مراجع المسألة: "المهذب في أصول الفقه" (٢/ ٨٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>