للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثاني مفهوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]

وفيه أربعة مطالب:

المطلب الأول: المعروف في اللغة: يُطلق المعروف على كل ما تعرفه النفس من الخير وتطمئن إليه، فهو اسم جامع لكل ما عُرِف من طاعة اللَّه، والتقرب إليه، والإحسان إلى الناس، وكل ما ندب إليه الشرع ونهى عنه، من المحسنات والمقبحات، وهو من الصفات الغالبة، أي: أمر معروف بين الناس إذا رأوه لا ينكرونه.

والمعروف: النصفة وحسن الصحبة مع الأهل وغيرهم من الناس (١).

ومنه: قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في صفة قلوب أهل الأهواء: "أَسْوَدَ مُرْبَادًّا، كالْكُوزِ مُجَخِّيًا، لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، ولا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إلا ما أُشْرِبَ من هَوَاهُ" (٢).

المطلب الثاني: المعروف في الاصطلاح: قال ابن جرير: "أصل المعروف: كل ما كان معروفًا، ففعله جميل مستحسن غير مستقبح في أهل الإيمان باللَّه، وإنما سميت طاعة اللَّه معروفًا، لأنه مما يعرفه أهل الإيمان ولا يستنكرون فعله" (٣). قال غيره: "يشمل كل معروف حسنه شرعًا وعقلًا، من حقوق اللَّه، وحقوق الآدميين" (٤). فالعقول السليمة تستحسنه ولا تنكره.

ولا شك أن هذا مقتصر على ما كان للعقل فيه مجال لإدراك حسنه وحكمة مشروعيته، أما الأمور التعبدية المحضة، التي ليس للعقول مجال لإدراك حسنها، والتوصل إلى حكمة مشروعيتها، فليس داخلًا هنا في استحسان


(١) النهاية في غريب الحديث والأثر (٣/ ٢١٦) (عرف)، ولسان العرب (٩/ ٢٤٠) (عرف).
(٢) أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب: بيان أن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا (١/ ١٢٨) رقم (١٤٤) من حديث حذيفة -رضي اللَّه عنه-.
(٣) تفسير الطبري (٤/ ٤٥).
(٤) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، عبد الرحمن بن ناصر السعدي، تحقيق: ابن عثيمين، مؤسسة الرسالة، بيروت، طبعة ١٤٢١ هـ (ص ٥٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>