للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في عصر النبوة، والنص لا يبقى لنا مجددًا في زمن الإجماع، فلذلك لم يتصور معارضته بنص ولا إجماع، وامتناع إجماعين في عصر واحد، ولأن الأمة معصومة في اتفاقها عن أن تُجمع على حكم ثبت فيه نص عن اللَّه سبحانه أو عن رسوله بخلاف اتفاقهم" (١).

فالإجماع ليس دليلًا منفردًا عن الأصلين الأولين، بل هو تابع لهما من حيث كونه لا يقع إلا وله مستند شرعي علمناه أم لم نعلمه.

فإذا وقع، دلّ ذلك على وجود الدليل الشرعي، وأن ذلك النص صحيح، غير مؤول ولا منسوخ، بخلاف النصوص الشرعية؛ فقد تكون محتملة التأويل، أو النسخ.

وقد أنكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه اللَّه القول الذي يقول بأن النظر أولا إلى الإجماع، ثم النصوص، وبين أن طريقة السلف هي النظر أولًا في كتاب اللَّه تعالى، ثم في سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام، ثم في الإجماع (٢).

ثم نقل عن بعض المتأخرين قولهم: "يبدأ المجتهد بأن ينظر أولًا في الإجماع، فإن وجده؛ لم يلتفت إلى غيره، وإن وجد نصًّا خالفه؛ اعتقد أنه منسوخ بنص لم يبلغه، وقال بعضهم: الإجماع نسخه! والصواب طريقة السلف" (٣).

• حجية الإجماع: هذا، وقد دلّ على حجيّة الإجماع، وكونه دليلًا يستمد منه الأحكام عدة أدلة، نذكر بعضًا منها:

• أولًا: من الكتاب:

١ - قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (١١٥)} [النساء: ١١٥].

• وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى توعد بالعذاب لمن شاقّ اللَّه ورسوله، واتبع غير سبيل المؤمنين، أي: الطريق الذي اختاروه لأنفسهم.

وهذا يدل على وجوب متابعة سبيل المؤمنين وعدم مخالفتهم.


(١) "الواضح في أصول الفقه" لابن عقيل (٢/ ٢٨).
(٢) "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (١٩/ ٢٠١)، وانظر: "أصول الفقه وابن تيمية" للدكتور صالح المنصور (٣٢٧).
(٣) "مجموع الفتاوى" (١٩/ ٢٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>