للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

[المقدمة]

إن الحمد للَّه نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ باللَّه من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده اللَّه فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى اللَّه عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا أما بعد:

فإنّ مصادر التشريع الإسلامي الذي يُستمد منه بيان أحكام هذه الشريعة المطهرة هي الكتاب، والسنة، والإجماع.

ولما كان الإجماع هو المصدر الثالث من مصادر التشريع الذي تُبنى عليه الأحكام صار محل اهتمام أهل العلم في بيان موارده، وتعظيم شأنه، والتحذير من مخالفته، بل نص بعض الأئمة على كفر منكر الإجماع القطعي (١).


(١) وممن نص على ذلك ابن حزم في "مراتب الإجماع" (١٢٦) حيث قال: "اتفقوا أن من خالف الإجماع المتيقن، بعد علمه بأنه إجماع، فإنه كافر"، وحكاه القاضي عياض في "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" (٢/ ٢٩١) عن طائفة فقال: "ومن الفقهاء والنظار في هذا الباب قالوا بتكفير كل من خالف الإجماع الصحيح الجامع لشروط الإجماع المتفق عليه عمومًا. . . . وحكوا الإجماع على تكفير من خالف الإجماع".
وإن كان في حكاية ذلك الإجماع نظر، لذا قد تعقَّب ابن تيمية في كتابه "نقد مراتب الإجماع" (٢٩٩) ما ذكره ابن حزم من الإجماع على كفر من خالف الإجماع حيث قال ابن تيمية: "في ذلك نزاع مشهور بين الفقهاء".
وقد ذهب طائفة من أهل العلم إلى أن من أنكر إجماعًا قطعيًا فإنه يفسق، ولا يكفر، وبه قال الرازي في "المحصول" (٣/ ٥٦٦)، وأبو الخطاب، وجمع من الحنابلة كما في "المدخل" (٢٨٤)، ونسبه ابن تيمية في "المسودة" (٣٠٨)، والصنعاني في "إجابة السائل شرح بغية الآمل" (١٦٧) للجمهور.

<<  <  ج: ص:  >  >>