للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن أمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تتكلم" (١).

• وجه الدلالة: هذا نص في عدم مؤاخذة المسلم بما حدّث به نفسه، أو همّ به، ما لم يصاحب ذلك قول أو فعل، فمن همّ بالطلاق، ولم يتلفظ به فلا يؤاخذ به، بنص هذا الحديث (٢).

• الخلاف في المسألة: أولًا: ذهب الإمام مالك في رواية عنه، صححها ابن رشد الجد، وقوّاها ابن العربي (٣)، إلى أن من نوى الطلاق بقلبه فإنه يقع بمجرد النية. وهو قول الزهري (٤).

• أدلة هذا القول:

١ - حديث عمر بن الخطاب: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" (٥).

• وجه الدلالة: من طلَّق في قلبه، فقد نوى الطلاق، فله ما نواه بنص هذا الحديث.

٢ - لما وقعت الفرقة بنية الردة، جاز أن يقع الطلاق بها، أي: بالنية (٦).

٣ - من كَفَر في نفسه فهو كافو، فكذلك من نوى الطلاق في نفسه فقد طلّق (٧).

ثانيًا: ثمة من توقف في هذه المسألة، وهو قول ابن سيرين، فقد سئل عمن طلق في نفسه؛ فقال: أليس اللَّه قد عَلِمَ ما في قلبه؟ قال: بلى، قال: فلا أقول فيها شيئًا (٨).

النتيجة: عدم تحقق الإجماع على أن من طلّق في نفسه ونوى ذلك، لا يقع به طلاق؛ وذلك لوجود خلاف عن الإمام مالك، والزهري من قبله، بوقوع الطلاق بمجرد النية.

[[٢٤ - ١٩٩] عدم وقوع الطلاق قبل النكاح]

إذا قال رجل لامرأة لم يتزوجها بعد: إن تزوجتك فأنت طالق، أو تلك المرأة طالق إن تزوجتها، فإن طلاقه لا يقع، سواء سمى امرأة بعينها، أو أرضًا تنتمي إليها هذه


(١) أخرجه البخاري (٥٢٦٩) (٦/ ٢٠٧)، ومسلم (١٢٧) "شرح النووي" (٢/ ١٢٠).
(٢) انظر: "الإشراف" (١/ ١٥٥).
(٣) "مقدمات ابن رشد" (ص ٢٧٦)، "عارضة الأحوذي" (٥/ ١٢٥).
(٤) "المغني" (١٠/ ٣٥٥)، "فتح الباري" (٩/ ٤٧٥)، "المحلى" (٩/ ٤٥٧).
(٥) سبق تخريجه.
(٦) "الحاوي" (١٣/ ٣).
(٧) "مقدمات ابن رشد" (ص ٢٧٦)، "عارضة الأحوذي" (٥/ ١٢٥).
(٨) "المحلى" (٩/ ٤٥٩)، "زاد المعاد" (٥/ ٢٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>