للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الترجيح: بعد تتبع أدلة كلا الفريقين، تبين -واللَّه أعلم- أن الراجح هو القول الأول، وذلك، لما يظهر من قوة في أدلته، وضعف أدلة القول الثاني.

[الشرط الثالث: اعتماد المجمعين على مستند شرعي في إجماعهم.]

والمستند الشرعي: هو الدليل الذي اعتمد عليه الإجماع إبان صدوره (١).

واستناد الإجماع إلى مستند شرعي، شرط عند جميع العلماء، إلا من شذ منهم. يقول الآمدي: اتفق الجميع على أن الأمة لا تجتمع على الحكم إلا عن مأخذ ومستند يوجب اجتماعها، خلافًا لطائفة شاذة، فإنهم قالوا بجواز انعقاد الإجماع عن توفيق، لا توقيف، بأن يوفقهم اللَّه تعالى لاختيار الصواب من غير مستند (٢).

أدلة الجمهور: استدل الجمهور بأدلة، منها: الدليل الأول: أنه ليس للبشر الاستقلال بإصدار الأحكام الشرعية، ولو قلنا إنه يجوز الإجماع بلا دليل لجاز القول في الدين بلا دليل، ومعلوم أن القول في الدين بلا دليل باطل، وعليه فيكون الإجماع الشرعي بلا دليل باطلا (٣).

الدليل الثاني: أن الإفتاء من غير مستند خطأ، وذلك قول في الدين بغير علم، والقول في الدين بغير علم مما نهى اللَّه عنه، قال تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: ٣٦]

الدليل الثالث: أن العلماء ليسوا بآكد حالا من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومعلوم أنه عليه الصلاة والسلام لا ينطق عن الهوى، كما أنه لا يحكم إلا عن وحي، قال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)} [النجم: ٣ - ٤]، وإذا كان


(١) شرح تنقيح الفصول، (٢/ ٣٩٣).
(٢) الإحكام للآمدي (١/ ٣٢٢ - ٣٢٣). وينظر: شرح تنقيح الفصول (٢/ ٣٩٣)، المختصر في أصول الفقه، للبعلي، (ص ٧٨).
(٣) ينظر: تيسير الوصول إلى علم الأصول، (ص ١٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>