للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجعل له الخيار بين الإمساك مع الأرش أو الرد بكامل الثمن، وإنما رده، فدل على أنه إذا لم يرض فليس له إلا الرد.

الثاني: القياس على المصراة؛ فكما أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يجعل للمشتري في المصراة إلا الرد أو الإمساك من دون الأرش، فكذلك العيب في العبد فهو مخير بين الأمرين دون الثالث وهو الإمساك مع الأرش، بجامع أن كلا من المشتري فيهما قد دفع ثمنا من أجل مبيع سليم (١).

• المخالفون للإجماع:

خالف في هذه المسألة: الحنابلة في المشهور من المذهب عندهم، وإسحاق ابن راهويه، وقالوا بأنه مخير بين ثلاثة أشياء: بين الرد، والإمساك من دون مقابل، والإمساك مع أرش العيب (٢).

واستدل هؤلاء بعدة أدلة، منها:

الأول: أنه ظهر على عيب لم يعلم به، فكان له الأرش، كما لو تعيب عنده.

الثاني: أنه فات عليه جزء من المبيع، فكانت له المطالبة بعوضه، كما لو اشترى عشرة أقفزة فبانت تسعة، أو كما لو أتلفه بعد البيع (٣).

النتيجة: عدم صحة الإجماع في مسألة الإلزام بالأرش بالنسبة للمشتري في حال وجود العيب في العبد، وإنما له الخيار بين أن يمسك أو يرد بكامل الثمن، وعلى هذا فيكون ما حكاه ابن هبيرة وابن قدامة من الإجماع صحيح.

[٣٧] استخدام السلعة لا يمنع ردها بالعيب]

• المراد بالمسألة: إذا اشترى المشتري السلعة واستخدمها، ثم تبين له عيب فيها يحق له الرد من أجله، فإن هذا الاستخدام الذي تم قبل العلم بالعيب، لا يمنع الرد، بإجماع العلماء.


(١) "المهذب" (١١/ ٣١١).
(٢) "الإنصاف" (٤/ ٤١٠)، "كشاف القناع" (٣/ ٢١٨ - ٢١٩)، "مطالب أولي النهى" (٣/ ١١١ - ١١٣)، وذكر قول إسحاق ابن قدامة في "المغني" (٦/ ٢٢٩).
(٣) "المغني" (٦/ ٢٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>