(٢) فابن عبد البر قبل أن يذكر الإجماع في المسألة ذكر أن طائفة من السلف قالوا بأن هبة المريض إذا قبضت فهي من رأس ماله إن مات من مرضه. قال: (وإليه ذهب أهل الظاهر وداود). فانظر كيف صرح بوجود الخلاف، ثم ذكر العبارة السابقة التي توهم الإجماع على عدم جواز ما زاد على الثلث، وقد ذكرت هذه المسألة هنا، حتى لا يتوهم من لم ينظر إلى متقدم كلامه أن الإجماع صحيح، هذا أولًا. وثانيًا: تأييدًا لمن ذكر أن ابن عبد البر يتساهل في نقل الإجماع، وأن المسألة إذا كانت عند الجمهور حكاها إجماعًا. وثالثًا: لعل هذا يفيد أن ابن عبد البر حين يذكر الإجماع في مسألة اشتهر فيه الخلاف أو استفاض يكون غالبًا عنده علم بالخلاف فيها، فقد يعتذر عنه بأن تساهله إنما هو في العبارة لا غير، ولعلنا لو تتبعنا الكثير من إجماعاته يتبين لنا هذا. (أفعال المريض كلها من عتق وهبة وعطية ووصية لا يجوز منها أكثر من الثلث، و. . ما بتله في مرضه حكمه حكم الوصية وعلى ذلك جماعة فقهاء الأمصار وخالفهم في ذلك أهل الظاهر وطائفة من أهل النظر). (٣) المحلى (٨/ ٣٢٢). (٤) مراتب الإجماع (ص ١٧٣).