للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: لأنه لما كان ما أنفقه من ماله في ملاذه وشهواته من رأس ماله كان ما يتقرب به من عتقه وهباته ومحاباته أولى أن تكون من رأس ماله (١).

النتيجة: عدم صحة الإجماع في أن هبة المريض في مرض موته تكون من الثلث فقط، وذلك للخلاف القوي في المسألة (٢).

[[١٠٣ - ٧] هبة العبد صحيحة ونافذة]

• المراد بالمسألة: أن العبد له أن يتصرف من ماله بدون إذن سيده، فله أن يهب، وأن يتصدق، ولا يرجع إلى سيده في ذلك.

• من نقل الاتفاق: ابن حزم (٤٥٦ هـ) قال: [. . أجاز عليه السلام صدقة العبد، وهديته، ولا حجة في أحد دونه وباللَّه تعالى التوفيق. نعم، وأجازها معه عليه السلام الحاضرون من أصحابه، ولا مخالف لهم. من الصحابة أصلًا] (٣). وقال: [واتفقوا على استباحة الهدية وإن كانت من الرقيق لخبر الذي يأتي بها ولو أنه امرأة أو صبي أو ذمي أو عبد] (٤).


(١) الحاوي الكبير (٨/ ٣٢٠).
(٢) فابن عبد البر قبل أن يذكر الإجماع في المسألة ذكر أن طائفة من السلف قالوا بأن هبة المريض إذا قبضت فهي من رأس ماله إن مات من مرضه. قال: (وإليه ذهب أهل الظاهر وداود).
فانظر كيف صرح بوجود الخلاف، ثم ذكر العبارة السابقة التي توهم الإجماع على عدم جواز ما زاد على الثلث، وقد ذكرت هذه المسألة هنا، حتى لا يتوهم من لم ينظر إلى متقدم كلامه أن الإجماع صحيح، هذا أولًا. وثانيًا: تأييدًا لمن ذكر أن ابن عبد البر يتساهل في نقل الإجماع، وأن المسألة إذا كانت عند الجمهور حكاها إجماعًا. وثالثًا: لعل هذا يفيد أن ابن عبد البر حين يذكر الإجماع في مسألة اشتهر فيه الخلاف أو استفاض يكون غالبًا عنده علم بالخلاف فيها، فقد يعتذر عنه بأن تساهله إنما هو في العبارة لا غير، ولعلنا لو تتبعنا الكثير من إجماعاته يتبين لنا هذا. (أفعال المريض كلها من عتق وهبة وعطية ووصية لا يجوز منها أكثر من الثلث، و. . ما بتله في مرضه حكمه حكم الوصية وعلى ذلك جماعة فقهاء الأمصار وخالفهم في ذلك أهل الظاهر وطائفة من أهل النظر).
(٣) المحلى (٨/ ٣٢٢).
(٤) مراتب الإجماع (ص ١٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>