للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٢٧ - ١٣٦] مسح جميعِ الرأس غير مرادٍ من آية الوضوء:

سبق أن ذكرنا أن مسح جميع الرأس مستحب، ونقل الإجماع على ذلك عدد من أهل العلم، ولم نجد من خالف في هذا حتى علماء الحنفية، ولكن هل مسح جميع الرأس مراد من الآية أو لا؟ فقد أجاب الإمام الكاساني بأنه غير مراد بالإجماع.

• من نقل الإجماع: الكاساني (٥٨٧ هـ) حيث يقول مقررًا لمذهب الحنفية بالاقتصار في المسح بالناصية: "وأما وجه التقدير بالناصية؛ فلأن مسح جميع الرأس ليس بمراد من الآية بالإجماع" (١).

• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع الشافعية (٢)، وابن حزم (٣).

• مستند الإجماع: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: ٦].

وجه الدلالة من وجهين:

١ - قالوا: الباء في قوله: {بِرُءُوسِكُمْ} للتبعيض؛ أي: أن من مسح بعض رأسه كأنه مسحه كله، فهو يطلق عليه أنه مسح رأسه (٤).

٢ - المسح في اللغة التي نزل بها القرآن هو غير الغسل بلا خلاف، والغسل يقتضي الاستيعاب، والمسح لا يقتضيه، فكانت الآية دالة على أنه ليس المراد غسل الجميع (٥).

• الخلاف في المسألة: خالف في هذه المسألة كل من قال بوجوب مسح جميع الرأس، وهذا استدلال بالإجماع في موضع النزاع من الكاساني رحمه اللَّه.

فقد خالف المالكية (٦)، والحنابلة في هذه المسألة (٧)، وقالوا بأن الآية دالة على مسح جميع الرأس.


(١) "بدائع الصنائع" (١/ ٤)، وانظر: "أحكام القرآن" للجصاص (١/ ٤٣).
(٢) "المجموع" (١/ ٤٣١).
(٣) "المحلى" (١/ ٢٩٨).
(٤) "بدائع الصنائع" (١/ ٤)، وانظر: "أحكام القرآن" للجصاص (١/ ٤٣)، و"المجموع" (١/ ٤٣٢).
(٥) "المحلى" (١/ ٢٩٨).
(٦) "المنتقى شرح الموطأ" (١/ ٣٨)، وانظر: "الذخيرة" (١/ ٢٥٩).
(٧) "شرح منتهى الإرادات" (١/ ٥٠)، و"شرح غاية المنتهى" (١/ ١٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>