للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد استقصيت نصف مسائل الرسالة، فوجدت أنني بحثت له ثمانٍ وخمسين مسألة، ستٌّ وثلاثون منها كانت النتيجة تحقق الإجماع فيها، والبقية فيها خلاف، والسبب في كثرة المسائل التي وُجد فيها الخلاف؛ هو أنني أوردت كل ألفاظه في البحث، بما فيها عبارة (لا خلاف) غير المقيدة بما يدل على أنها تريد العموم لا المذهب، مما جعل المسائل الخلافية كثيرة، واللَّه تعالى أعلم.

[١٢ - الإمام القرطبي (٦٧١ هـ) من خلال كتابه "التفسير"]

القرطبي رحمه اللَّه كثيرًا ما ينقل إجماعات غيره، بإشارة أحيانًا، ودونها أخرى، فينقل عن ابن عبد البر كثيرًا، ودون إشارة غالبًا (١)، وينقل عن ابن المنذر (٢)، وعن ابن جرير (٣)، ودون إشارة أيضًا.

[١٣ - الإمام النووي (٦٧٦ هـ) من خلال كتابه "المجموع"]

تكاد تكون رسالتي هذه في النووي رحمه اللَّه، فهو يعتني بالإجماع كثيرًا في كتابه "المجموع"، وإن لم يحكِ أو ينقل إجماعًا في المسألة، فلا يخلو الأمر غالبًا من أن يفيد في المسألة بخلاف أو عدمه.

وهو عالم متبحر في الخلاف والاستدلال له، استفدت منه كثيرًا رحمه اللَّه.

وقد سبق إشارة إلى منهجه في بعض المسائل، كخلاف المبتدعة، والظاهرية، وعدم جعْله نفي العلم بالخلاف إجماعًا، واعتداده بخلاف الواحد ناقضًا للإجماع، وأن إجماعاته إذا كانت في سياق الاستدلال للخلاف غالبًا ما تكون قول الجمهور.

أما عبارات النووي بنفي الخلاف؛ أو الاتفاق المجرد من قرينة العموم، فإنها مذهبية (٤)، أما إذا قيد عبارته بأنه لا خلاف بين العلماء أو الفقهاء؛ أو باتفاق العلماء، فهو يعني الإجماع (٥).

وللتدليل على الكلام السابق، فقد قال النووي: "ولو وهب له ثمن الماء لم يلزمه


(١) انظر مسألة: (الماء المتغير بطاهر يأخذ حكمه)، (الماء المتغير بنجاسة يأخذ حكمها).
(٢) انظر مسألة: (الطهارة بالمائعات غير الماء).
(٣) انظر مسألة: (جواز وطء الحائض والنفساء إذا طهرت واغتسلت).
(٤) وهذا هو منهج الأستاذ سعدي أبي جيب في موسوعته، فهو لا يعتمد قول النووي بنفي خلاف.
(٥) انظر مسألة: (المسح خاص بالطهارة الصغرى)، (فضل وضوء الرجل طاهر)، (طهارة بدن الجنب).

<<  <  ج: ص:  >  >>