للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو قول ابن عليّة (١).

فقالوا بأن الآية تدل على ذلك من وجوه، أبرزها وجهان، هما:

١ - أن الباء في الآية للإلصاق، وليست للتبعيض (٢)، وبهذا يبطل الاستدلال بأن مسح بعض الرأس مجزئ.

٢ - الأمر في الآية يقتضي مسح الرأس؛ لأن هذا اللفظ إنما يقع حقيقةً على جميعه، دون بعضه، وقد أمر بمسح ما يتناوله الاسم؛ فيجب مسح جميعه (٣).

النتيجة: أن الإجماع غير متحقق؛ لوجود الخلاف في المسألة، ولو كانت عبارة الكاساني غير لفظ الإجماع؛ لقلت: إنه يقصد المذهب الحنفي، ولكن وجدت أنه يستخدم عبارة الإجماع في المذهب كثيرًا (٤)، واللَّه تعالى أعلم.

[[٢٨ - ١٣٧] جواز ترك مسح القليل من الرأس]

إذا مسح المتوضئ رأسه، وترك قليلًا من الرأس دون مسح، واقتصر على البعض، فإن ذلك جائز.

• من نقل الإجماع: العيني (٨٥٥ هـ) حيث يقول: "ويدل على أنه قد أريد بها - الباء - التبعيض في الآية اتفاقُ الجميع على جواز ترك القليل من الرأس في المسح، والاقتصار على البعض" (٥).

• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع مَن قال بأن الواجب في غسل الرأس البعض لا الكل، وقد سبقت الإشارة لهذه المسألة، وهم: الحسن، والثوري، والأوزاعي (٦)، والشافعية (٧)، وابن حزم (٨).

• مستند الإجماع: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: ٦].


(١) "الاستذكار" (١/ ١٣٠).
(٢) "شرح منتهى الإرادات" (١/ ٥٠)، و"شرح غاية المنتهى" (١/ ١٠١).
(٣) "المنتقى شرح الموطأ" (١/ ٣٨).
(٤) انظر التمهيد لهذا البحث.
(٥) "البناية" (١/ ١٧٥)، وانظر: "بدائع الصنائع" (١/ ٤).
(٦) "المغني" (١/ ١٧٥).
(٧) "المجموع" (١/ ٤٣١).
(٨) "المحلى" (١/ ٢٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>