للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتوقيف واللفظ اللغوي ولا مخالف للقياس فيها، لم يصح أن ينعقد الإجماع بدونهم، إلا على رأي من يرى أن الاجتهاد لا يتجزأ، فإن قلنا بالتجزؤ، لم يمنع أن يقع النظر في فرع هم فيه محقون، كما نعتبر خلاف المتكلم في المسألة الكلامية؛ لأن له فيه مدخلًا، كذلك أهل الظاهر في غير المسائل القياسية يعتد بخلافهم (١).

وهذا القول، عند التأمل، نجد أنه راجع إلى القول الأول، القائل بعدم الاعتداد بخلافهم، لأن معظم المسائل قياسية، وهذا ما صرح به الجويني بقوله: فإن معظم الشريعة صدر عن الاجتهاد، والنصوص لا تفي بالعشر من معشار الشريعة (٢).

القول الرابع: أن يعتبر خلافهم فيما خالف القياس الخفي، دون اعتباره فيما خالف الجلي.

وأدلة هذا القول بالنسبة لاعتبار خلافهم في القياس الخفي، هي الأدلة التي وردت في القول الثاني، وأما ما يتعلق بعدم اعتباره فيما خالف القياس الجلي؛ فلبنائه على ما يقطع ببطلانه، والاجتهاد الذي يقع على خلاف الدليل القاطع، لا يعتد به، ويُنتقض حكم الحاكم به.

ويمكن أن يعارض هذا القول، بالتفريق بين القياس الجلي والخفي، بأن هذا التقسيم للقياس -بحسب تقسيم الشافعية- هو تقسيم لما يطلق عليه القياس، لا القياس الشرعي المعروف بين الأصوليين، والذي نازع فيه


= الأبياري المالكي نزيل الإسكندرية، أصولي، وفقيه مالكي، من تصانيفه: شرح البرهان، سفينة النجاة على طريقة الأحياء، توفي رحمه اللَّه سنة ٦١٦ هـ. انظر: تاريخ الإسلام (٤٤/ ٣٠٥)، الديباج المذهب (ص: ٢١٣).
(١) البحر المحيط (٣/ ٥١٩).
(٢) البرهان في أصول الفقه (٢/ ٥٣٦ - ٥٣٧). وينظر: تهذيب الأسماء واللغات، (ص ٢٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>