للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، حاشا النجدات من الخوارج فإنهم قالوا لا يلزم الناس فرض الإمامة وإنما عليهم أن يشاطوا الحق بينهم. . . وقول هذه الفرقة ساقط، يكفي من الرد عليه وإبطاله: إجماع كل من ذكرنا على بطلانه، والقرآن والسنة قد وردا بإيجاب الإمام" (١).

وقال القرطبي: "ولا خلاف في وجوب ذلك بين الأمة ولا بين الأئمة، إلا ما رُوي عن الأصم، حيث كان عن الشريعة أصم، وكذلك كل من قال بقوله واتَّبعه على رأيه ومذهبه" (٢).

وهذا الإجماع من سائر المسلمين على وجوب الإمامة لا يرتفع به إلى مبادئ العقيدة كما هو الأمر عند معظم فرق الشيعة؛ ولذلك فإنّه لا يتعلق به كفر عند الإخلال التصديقي به كما هو عندهم، ولكنه مجرد عصيان كالعصيان المترتب على الخلل في فروع الأحكام، بل إن هذا الوجوب وجوب كفائي متوجه إلى أهل الحل والعقد باعتبارهم الممثلين للأمة، النائبين عنها في هذه المهمة العظيمة، فإذا تقاعس أهل الحل والعقد عن ذلك لحق الإثم بكل من له قدرة واستطاعة حتى يسعى لإقامة هذا الواجب بحسب وسعه.

أدلة وجوب نصب الإمامة: استدلوا على وجوب نصب الإمام بأدلة من الكتاب والسنة والإجماع والقواعد الشرعية، وسنقتصر فيما يلي على ذكر بعض أدلة الكتاب والسنة لوضوح الدلالة فيها:

أولًا: الأدلة من القرآن الكريم: الدليل الأول: قول اللَّه -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (٣).

روى ابن جرير الطبري أقوال السلف في المقصود بأولي الأمر في هذه الآية، ثم قال: "وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: قول من قال: هم الأمراء


(١) الفصل في الملل والأهواء والنحل (٤/ ٧٢). ويُنظر: المقدمة الزهرا في إيضاح الإمامة الكبرى، لأبي عبد اللَّه الذهبي، تحقيق: على رضا، دار الفرقان، القاهرة، الطبعة الأولى ١٤٢٩ هـ (ص ١٢).
(٢) تفسير القرطبي (١/ ٢٦٤).
(٣) سورة النساء، الآية: (٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>