للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع بنت الصلب، فإنه لا يكفر جاحده (١).

• ثانيًا: حجية الإجماع:

اتفق أهل العلم من أهل السنة والجماعة على أن الإجماع حجة شرعية، يجب اتباعه، والمصير إليه (٢). يقول ابن حزم: [اتفقنا نحن وأكثر المخالفين لنا على أن الإجماع من علماء الإسلام حجة، وحجة مقطوع به في دين اللَّه عز وجل] (٣).

ويستدل لهذا بعدة أدلة من الكتاب والسنة:

[فمن الكتاب]

الدليل الأول: قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (١١٥)} (٤).

• وجه الدلالة: أن معنى مشاقة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: منازعته ومخالفته فيما جاء عن ربه، ومعنى سبيل المؤمنين: ما اختاروه لأنفسهم من قول أو فعل أو اعتقاد، وقد جعل اللَّه كلا من المشاقة واتباع غير المؤمنين موجبا للعقاب؛ لأنه عطفهما على بعض بالواو المفيدة للتشريك في الحكم، فيلزم أن يكون اتباع غير سبيل المؤمنين محرما، كما حرمت مشاقة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ إذ لو لم يكن محرما لما جمع بين الحرام والمباح في الوعيد، وإذا حرُم اتباع غير سبيل المؤمنين وجب تجنُّبه باتباع سبيلهم؛ لأنه لا واسطة بينهما, ولزم من وجوب اتباع سبيلهم كون الإجماع حجة (٥).


(١) "شرح جلال الدين المحلي على جمع الجوامع مع حاشية العطار عليه" (٢/ ٢٣٨ - ٢٣٩). وللعلماء تفصيل في مسألة التكفير من أرادها فليرجع إلى: "البحر المحيط" (٦/ ٤٩٦ - ٥٠١)، "شرح الكوكب المنير" (٢/ ٢٦٢).
(٢) ينظر: "مجموع الفتاوى" (١١/ ٣٤١)، "مذكرة أصول الفقه" (ص ١٥١). وقد خالف في حجية الإجماع من لا يعتد بخلافه؛ كبعض الخوارج، وبعض الرافضة، وبعض النظامية، أتباع النظام المعتزلي. وكلهم مبتدعة حادثون بعد الاتفاق، فلا يلتفت إلى أقوالهم. ينظر: "مسلم الثبوت" (٢/ ٢١٣).
(٣) "الإحكام في أصول الأحكام" (٤/ ١٢٨). وينظر عبارة نحوها في: "البرهان" (١/ ٦٧٩)، "مجموع الفتاوى" (١٩/ ١٧٦).
(٤) النساء: الآية (١١٥).
(٥) ينظر: "أحكام القرآن" للشافعي (١/ ٣٩)، "العدة" لأبي يعلى (٤/ ١٠٦٤)، "التمهيد" =

<<  <  ج: ص:  >  >>