للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثاني: مكانة الإجماع وحجيته]

• أولًا: مكانة الإجماع:

١) الإجماع حجة قاطعة، ودليل ظاهر من أدلة الشريعة، بل هو ثالث الأدلة المتفق عليها بعد كتاب اللَّه، وسنة النبي عليه السلام، كما دل عليه كتاب عمر -رضي اللَّه عنه- إلى شريح القاضي (١) حين قال له: [اقض بما في كتاب اللَّه، فإن لم تجد فبما في سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإن لم تجد فبما قضى به الصالحون] وفي رواية: [فانظر ما اجتمع عليه الناس فخذ به] (٢).

وما جاء عن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- أنه قال: [من عرض له منكم قضاء بعد اليوم، فليقض بما في كتاب اللَّه، فإن جاء أمر ليس في كتاب اللَّه، فليقض بما قضى به نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإن جاء أمر ليس في كتاب اللَّه، ولا قضى به نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فليقض بما قضى به الصالحون، فإن جاء أمر ليس في كتاب اللَّه، ولا قضى به نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا قضى به الصالحون، فليجتهد رأيه] (٣).

وفي هذا رد على ما جاء عن بعض المتأخرين من الرجوع أولا للإجماع، فإن


(١) شريح بن الحارث بن قيس بن الحارث بن الجهم الكندي أبو أمية، أسلم زمن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ولم يره، وانتقل من اليمن زمن الصديق، ثم ولاه عمر قضاء الكوفة، فقيل: أقام بها قاضيا ستين سنة، قيل: عاش مائة وعشرين سنة، توفي عام (٧٨ هـ). "سير أعلام النبلاء" (٤/ ١٠٠)، "أخبار القضاة" (٢/ ١٩٧).
(٢) أخرجه النسائي في "المجتبى" (٥٣٩٩)، (٨/ ٢٣١)، والرواية أخرجها ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٥/ ٣٥٨ - ٣٥٩)، والبيهقي في "الكبرى" (١٠/ ١١٥)، وابن عساكر في "تاريخ مدينة دمشق" (٢٣/ ٢١).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٥/ ٣٥٩)، والنسائي في "الكبرى" (٥٩١١)، (٥/ ٤٠٦). قال النسائي: [هذا حديث جيد جيد]. وصحح إسناده ابن حجر في "فتح الباري" (١٣/ ٢٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>