للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بعد وفاة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-] وهذا يخرج الاتفاق الذين يكون في حياته؛ فإنه لا عبرة به، يقول الرازي (١): [الإجماع إنما ينعقد دليلا بعد وفاة الرسول عليه السلام؛ لأنه ما دام عليه السلام حيا لم ينعقد الإجماع من دونه. . .، ومتى وجد قوله فلا عبرة يقول غيره] (٢).

[في أي عصر] أي: أن الاتفاق يحصل في أي زمن كان، سواء كان في زمان الصحابة، أم في زمن من بعدهم (٣).

والمقصود أن يتفق العلماء كلهم على أمر ثم ينقرض زمانهم ولم يخالف أحد منهم.

[على أيِّ أمر كان] وهذا قيد يدخل فيه:

١) الأمر الديني: كأحكام الطهارة، والصلاة، والمعاملات، ونحوها.

٢) الأمر الدنيوي: كترتيب الجيوش، والحروب، وتدبير أمور الرعية، ونحوها.

٣) الأمر العقلي: كحدوث العالم.

٤) الأمر اللغوي: يكون الفاء للترتيب والتعقيب (٤).

وهذه الأمور الثلاثة الأخيرة المراد منها ما له صلة بالحكم الشرعي، وعليه فيكون الإجماع فيها ليس مقصودا لذاتها بل لما يلزم منها (٥).

فلا حاجة لتقييد التعريف بالأمر الديني إذا كان هذا هو المراد.


(١) محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن بن علي فخر الدين أبو عبد اللَّه القرشي البكري التيمي الطبرستاني الأصل ثم الرازي الشافعي، ولد عام (٥٤٤ هـ)، سلطان المتكلمين في زمانه، إمام وقته في العلوم العقلية، واحد الأئمة في علوم الشريعة، ندم على دخوله في علم الكلام، من آثاره: "مفاتيح الغيب"، "المحصول"، "المعالم في أصول الدين"، "الملل والنحل". توفي عام (٦٠٦ هـ). "طبقات ابن شهبة" (٢/ ٦٥)، "مرآة الجنان" (٤/ ٧).
(٢) "المحصول" (٣/ ٥٣١). وقد حكى الإجماع على هذا الآمدي في "الأحكام" (١/ ١٠٩).
(٣) ينظر: "الإحكام" للآمدي (١/ ١٩٦)، "التلويح على التوضيح" (٢/ ٤٠١).
(٤) ينظر: "حاشية البناني على المحلي" (١/ ١٧٦)، "إرشاد الفحول" (ص ٧١).
(٥) الذين قيدوا الإجماع في الأمور الدينية منهم: الغزالي في "المستصفى" (١/ ١٧٣)، وتبعه ابن قدامة في "روضة الناظر" (١/ ٣٣١). وينظر في هذه المسألة: "حجية الإجماع" (ص ٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>