للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان بعد القبض: فيستدلون بدليل القول الثاني (١).

القول الرابع: إن كانت السلعة المَبيعة معروفة للبائع ببيِّنة، أو بعلم الحاكم -لا فرق في هذا بين أن يكون الثمن أو السلعة في يد البائع أو المشتري- أو كانت غير معروفة إلا أنها في يده، والثمن عند المشتري، فإن القول في كل هذا قول مُبْطِلُ البيع منهما -كائنا من كان- مع يمينه؛ لأنه مُدَّعى عليه عقد بيع لا يُقرُّ به، ولا بينة عليه به، فليس عليه إلا اليمين بحكم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- باليمين على المدعى عليه.

وإن كانت السلعة في يد المشتري، وهي غير معروفة للبائع، وكان الثمن عند البائع بعد، فالقول قول مُصَحح البيع منهما -كائنا من كان- مع يمينه؛ لأنه مدعى عليه نقل شيء عن يده، ومن كان في يده شيء فهو في الحكم له، فليس عليه إلا اليمين.

وإن كانت السلعة والثمن معا في يد أحدهما فالقول قوله مع يمينه؛ لأنه مدعى عليه.

وإن كانت السلعة بيد البائع والثمن بيد المشتري، فهنا كل واحد منهما مدعى عليه، فيحلف البائع باللَّه ما بعتها منه كما يذكر ولا بما يذكر، ويحلف المشتري باللَّه ما باعها مني بما يذكر ولا كما يذكر، ويبرأ كل واحد منهما من طلب الآخر، ويبطل البيع. وهذا التفصيل اختاره ابن حزم، ونقله عن إياس بن معاوية (٢) (٣).

النتيجة: عدم صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لثبوت الخلاف فيها.

[٦٢] جواز تراضي المختلفين على رد السلعة]

• المراد بالمسألة: إذا تعاقد المتعاقدان، ثم اختلفا على أمر من الأمور المتعلقة بالعقد سواء كان الاختلاف راجعا إلى الثمن أو المثمن، ثم رضي كل منهما على


(١) ينظر: "شرح الزركشي" (٢/ ٧٩).
(٢) إياس بن معاوية بن قرة بن إياس بن هلال المزني أبو واثلة البصري، فقيه عفيف ثقة، قاضي البصرة، أحد من يضرب به المثل في الذكاء والسؤدد والعقل. توفي عام (١٢١ هـ). "حلية الأولياء" (٣/ ١٢٣)، "تهذيب الكمال" (٣/ ٤٠٧)، "تاريخ الإسلام" (٨/ ٤٢).
(٣) "المحلى" (٧/ ٢٥٥, ٢٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>