للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: ٤٣]، وحملوا الملامسة على ما دون الجماع، وقالوا: ذكر اللَّه تعالى هنا الحدث الأصغر فقط (١).

النتيجة: أن الإجماع غير متحقق في عصر الصحابة ولا التابعين؛ لوجود المخالف في المسألة، ولكن بعد البحث لم أجد من تابعهم من الأئمة بعدهم، ولا من أرباب المذاهب، ولذا فالأظهر أن المسألة من باب الاتفاق بعد الخلاف، فهي متفق عليها بين العلماء بعد عصر التابعين، واللَّه تعالى أعلم.

[[١٤ - ٣٠١] مشروعية التيمم للحيض]

إذا طهرت الحائض وانقطع دمها، ولم تجد ماء، فإن التيمم يجوز لها بالإجماع، كما حكاه عدد من العلماء، وهذا ما تناقشه مسألتنا.

• من نقل الإجماع: الترمذي (٢٧٩ هـ) حيث يقول: "وهو قول عامة الفقهاء؛ أن الجنب والحائض إذا لم يجدا الماء، تيمما وصليا" (٢).

ابن حزم (٤٥٦ هـ) حيث يقول: "وأما كون عمل التيمم للجنابة، وللحيض، وللنفاس، ولسائر ما ذكرنا (٣) كصفته لرفع الحدث؛ فإجماع لا خلاف فيه، من كل من يقول بشيء من هذه الأغسال، وبالتيمم لها" (٤).

ابن عبد البر (٤٦٣ هـ) حيث يقول: "سئل مالك عن الحائض تطهر، فلا تجد ماء أتتيمم؟ قال: نعم، فإن مثلها مثل الجنب إذا لم يجد الماء تيمم، وهذا إجماع كما قال مالك، لا خلاف فيه، والحمد للَّه" (٥).

النووي (٦٧٦ هـ) حيث يقول: "وكذلك أجمع أهل هذه الأعصار، ومَن قبلهم، على جوازه -التيمم- للجنب والحائض، والنفساء، ولم يخالف فيه أحد من الخلف، ولا أحد من السلف، إلا ما جاء عن عمر بن الخطاب، وعبد اللَّه بن مسعود، وحُكي مثله


(١) "الاستذكار" (١/ ٣٠٣).
(٢) "سنن الترمذي" (١/ ١٦٠) مع العارضة.
(٣) يريد عبارته هذه: "من طهارة للصلاة، أو جنابة، أو إيلاج في الفرج، أو طهارة من حيض، أو من نفاس، أو ليوم الجمعة، أو من غسل الميت"، "المحلى" (١/ ٣٦٨).
(٤) "المحلى" (١/ ٣٦٨)، ويقال في عبارته ما قيل في مسألة الجنب، فهو ليس بإجماع.
(٥) "الاستذكار" (١/ ٣٢٦)، وانظر: "المنتقى" (١/ ١٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>