للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإجماع، غير أنني لم أجد له سوى تسعة عشر إجماعًا في باب الطهارة، منها أحد عشر لم أجد فيها مخالفًا، وكانت حكايته متحققة، وثمانية حكاياتٍ لم يتحقق فيها ما ادعاه. وقد سبق رأيه في خلاف الظاهرية.

[٩ - الإمام ابن هبيرة (٥٦٠ هـ) من خلال كتابه "الإفصاح"]

ابن هبيرة رحمه اللَّه من المشهورين بحكاية الإجماع لدى الفقهاء، ولكن الصحيح أنه لا يحكي الإجماع الاصطلاحي، الذي هو حجة لا تجوز مخالفته، وذلك لأنه ينقل إجماع الأئمة الأربعة فقط، وإذا حكى الخلاف فإنه يقتصر على خلافهم فقط.

ويدل لذلك منهجه في حكاية الإجماعات، فهو لا يذكر غيرهم، ثم إنه صرح بذلك في مقدمة كتابه فقال: "رأيت أن أجعل ما أذكره من إجماع مشيرًا به إلى إجماع هؤلاء الأربعة، وما أذكره من خلاف مشيرًا إلى الخلاف بينهم" (١).

وقد يطلق الإجماع، ويكون في مذهبه هو خلاف (٢).

ويبدو أنه لا يفرق بين الإجماع والاتفاق، ولذا نجده يذكر الإجماع ثم يستثنيه، فيقول: أجمعوا على كذا إلا أبا حنيفة، أو اتفقوا على كذا إلا مالكًا، مما يدل على عدم تفريقه بينهما (٣).

وقد بحثت له ستًّا وستين مسألة -مشتركًا مع غيره ومنفردًا- ذكرها في باب الطهارة، خمسون مسألة كانت نتيجتها تحقق الإجماع، والبقية كانت غير متحققٍ فيها الإجماع.

[١٠ - الإمام الكاساني (٥٨٧ هـ) من خلال كتابه "بدائع الصنائع"]

يلاحظ على الكاساني رحمه اللَّه أنه كثيرًا ما يعبر بالإجماع وهو يريد الإجماع المذهبي فيما يظهر، حيث إنه أحيانًا يتحدث عن الخلاف داخل المذهب، دون أي ذكر لغيره، في سياق حكاية الإجماع، وأحيانًا يكون يتحدث عن مسائل دقيقة، يستحيل معرفة الإجماع الصريح فيها، ثم يحكي فيها الإجماع؛ مما يدل على أنه يريد المذهب (٤)، واللَّه تعالى أعلم.


(١) "الإفصاح" (١/ ٧).
(٢) انظر: (لا يجوز التيمم بالمعادن).
(٣) انظر مثالًا على ذلك: "الإفصاح" (١/ ٢٧).
(٤) انظر المسائل التالية: (المني اليابس في الثوب يطهره الحت)، (مسح جميع الرأس غير مرادٍ من =

<<  <  ج: ص:  >  >>