للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثالث ماهية الحد الواجب بالردة]

من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية حفظ الدين الذي من أجله خلقت البشرية، وبه تتحقق السعادة الحقيقية.

ولأجل الحفاظ على هذا الدين شرع اللَّه الوسائل والأحكام التي تقويه وتنميه، وسد الذرائع التي تضعفه وتفنيه، ففي الجانب الأول أمر بالإيمان والعمل الصالح، والتآخي عليه، والصبر على الأذى فيه، والدعوة إليه، والجهاد دفاعًا عنه وإعلاءً لرايته، والهجرة من البلد الذي لا يأمن على دينه فيه.

وفي الجانب الثاني نهى عن مخالطة أهل البدع، وحذر من النظر في كتب الإلحاد، ورتب العقوبة الرادعة لمن تلاعب بهذا الدين، فشرع حد الردة وهو القتل؛ حفظًا لدين المرء الذي هو أعز ما يملك، وأغلى ما يحمل في هذه الحياة.

وقد جاءت الشريعة ببيان عقوبة المرتد وأنه يشرع أولًا استتابته وهذا محل وفاق بين المذاهب الأربعة (١) (٢).

فإن تاب خُلي سبيله وقُبلت توبته، وإن أبي فإنه يُقتل؛ لعموم حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنه- أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: (مَنْ بدَّل دينَه فاقْتُلوه) (٣)، وهذا محل إجماع في حق الرجل الحُر المرتد، وإنما وقع الخلاف بين أهل العلم في المرأة المرتدة، وفي العبد كما سيأتي بيانه (٤).


(١) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٣٤)، شرح مختصر خليل (٨/ ٦٥)، تحفة المحتاج (٩/ ٩٧)، المغني (٩/ ١٧).
(٢) انظر: المسألة الرابعة والأربعون تحت عنوان: "مشروعية استتابة المرتد".
(٣) البخاري (رقم: ٢٨٥٤)، وقد سبق تخريحه.
(٤) انظر: المسألة السابعة والثلاثون تحت عنوان: "لا فرق في وجوب القتل بالردة بين الرجل والمرأة". والمسألة الثامنة والثلاثون تحت عنوان: "لا فرق في القتل بالردة بين العبد والحر".

<<  <  ج: ص:  >  >>