للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• وجه الدلالة: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وصف المفارق -وهو المخالف- للجماعة، عندما اجتمعت الجماعة في أمرها وتوحدت، بأنه قد خلع رِبْقَة (١) الإسلام من عنقه، وهذا وعيد شديد لمرتكب هذا الفعل، وهو مخالفة الجماعة، فدل ذلك على وجوب اتباع الجماعة، وعدم مخالفتها ومفارقتها، وعلى اعتبار إجماعها وكونه حجة شرعية (٢).

[المبحث الثالث: أنواع الإجماع]

[المطلب الأول: أنواع الإجماع من حيث أهله]

[القسم الأول: إجماع الأمة]

وهو الإجماع المطلق، والمقصود منه هو أن علماء الأمة أجمعوا على رأي موحد في مسألة ما، دون التقيد بطبقة معينة؛ أو بلد معين؛ أو زمن معين.

وعلماء الأمة عبارة تشمل الصحابة والتابعين ومن أتى بعدهم من علماء وفقهاء الأمة رحمهم اللَّه تعالى (٣).

ومما ينبغي التنبيه عليه؛ أن علماء الأمة رحمهم اللَّه تعالى لم يختلفوا إجمالًا في إمكان وقوع الإجماع وتصور ذلك؛ سوى بعض الشيعة والمعتزلة، وخلافهم هنا غير معتبر (٤).


(١) يقول ابن الجزري: "والربقة في الأصل عروة في حبل تجعل في عنق البهيمة أو يدها تمسكها، فاستعارها للإسلام، يعني ما يشد به المسلم نفسه من عرى الإسلام، أي حدوده وأحكامه وأوامره ونواهيه، وتجمع الربقة على ربق، مثل: كسرة وكسر، ويقال للحبل الذي تكون فيه الربقة: ربق، وتجمع على أرباق ورباق"، "النهاية في غريب الأثر" (٢/ ١٩٠)، وانظر: "غريب الحديث" للخطابي (٢/ ١٨١).
(٢) وانظر: "الإجماع مصدر ثالث من مصادر التشريع" (٧٣)، "المهذب" (٢/ ٨٥٢)، "أحكام الإجماع والتطبيقات عليها" (٣٨)، وفي معنى الجماعة في الحديث خمسة أقوال للعلماء، ذكرها الإمام الشاطبي في "الاعتصام" (٢/ ٧٧٠) فلتراجع هناك.
(٣) هناك خلاف بين الأصوليين في اعتبار قول العوام في الإجماع أو لا، والقول باعتباره قول ضعيف، وانظر: "الاعتصام" للشاطبي (٢/ ٧٧٦).
(٤) انظر: "الإحكام في أصول الفقه" للآمدي (١/ ١٩٦)، "آراء المعتزلة الأصولية دراسة وتقويمًا" للدكتور علي الضويحي (٣٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>