للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الأول: تحريم التفريق بعد البلوغ. وهو قول: ابن عبد الحكم (١) من المالكية، ومشهور مذهب الحنابلة (٢).

واستدل هؤلاء بعدة أدلة، منها:

الأول: عن أبي أيوب الأنصاري -رضي اللَّه عنه- قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "من فرَّق بين والدة وولدها، فرق بينه وبين أحبته يوم القيامة" (٣).

• وجه الدلالة: أن الحديث جاء عاما، ولم يفرق بين ما كان قبل البلوغ ولا بعده، فيبقى على عمومه.

الثاني: أن الوالدة تحتاج إلى ولدها الكبير، وتتضرر بمفارقته، ولهذا حرم عليه الجهاد بدون إذنهما (٤).

القول الثاني: كراهة التفريق. قال به الشافعية (٥).

واستدل هؤلاء بتعليل، وهو:

ما يترتب على التفريق بينهما من التشويش والتفرقة، والآثار السيئة، ولذا يقال بالكراهة لا التحريم (٦).

النتيجة: عدم صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لثبوت الخلاف فيها.

[٨٨] النهي عن بيع وشراء وسوم المسلم على أخيه المسلم]

• المراد بالمسألة: صورة البيع على البيع: أن يكون البيع وقع بالخيار، فيأتي في


(١) عبد اللَّه بن عبد الحكم أبو محمد، ولد بمصر عام (١٥٥ هـ) روى عن مالك "الموطأ"، وكان أعلم أصحابه بمختلف قوله، وأفضت إليه رئاسة المذهب في مصر بعد موت أشهب، من آثاره: "المختصر الكبير" و"الأوسط" و"الصغير"، "الأهوال"، "المناسك". توفي عام (٢١٤ هـ). "شجرة النور الزكية" (ص ٥٩)، "شذرات الذهب" (٢/ ٣٤).
(٢) "مواهب الجليل" (٤/ ٣٧١)، "الإتقان والإحكام" (١/ ١٣١)، "الإنصاف" (٤/ ١٣٧)، "كشاف القناع" (٣/ ٥٧ - ٥٨)، "منح الشفا الشافيات" (١/ ٢٥٠).
(٣) سبق تخريجه.
(٤) ينظر في الدليلين: "المغني" (١٣/ ١٠٨).
(٥) "المجموع" (٩/ ٤٤٣)، "أسنى المطالب" (٢/ ٤١)، "تحفة المحتاج" (٤/ ٣٢٠ - ٣٢١).
(٦) ينظر: "أسنى المطالب" (٢/ ٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>