للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الشرط الثاني: أن يكون الإجماع صادرا من جميع مجتهدي العصر]

وهذا يعني أنه إذا خالف واحد أو اثنان فإن اتفاق الباقين غير معتبر.

وقد اختلف العلماء في هذا الشرط على قولين، هما (١):

القول الأول: أنه لا بد من اتفاق الجميع على المسألة، وهذا قول جماهير العلماء (٢) (٣).

واستدل هؤلاء بعدة أدلة، منها:

الدليل الأول: الأدلة السابقة التي في حجية الإجماع، وهي دالة على عصمة الأمة عن الخطأ، ولفظ الأمة إنما يطلق على الجميع، وليس على الأكثر، ولا يطلق عليه إلا بقرينة.

الدليل الثاني: وقوع اتفاق الأكثر في زمن الصحابة مع مخالفة الأقل لهم، فقد سوغوا لهم الاجتهاد بلا نكير، فلو كان اتفاق الأكثر إجماعا يلزم غيرهم أن يأخذوا به لأنكروا عليهم، وبادروا بتخطئتهم، كما وقع في مخالفة ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- في بعض مسائل الربا والفرائف، وأما ما يوجد منهم من الإنكار في هذه الصورة فلم يكن إنكار تخطئة، بل إنكار مناظرة في المأخذ، ولذلك بقي الخلاف الذي ذهب إليه الأقلون منقولا إلى زماننا، بل ربما ظهر أن ما ذهب إليه الأقل هو


= ويقول: [استقرينا موارد الإجماع فوجدناها كلها منصوصة، وكثير من العلماء لم يعلم النص وقد وافق الجماعة]. "مجموع الفتاوى" (١٩/ ١٩٤) وما بعدها.
(١) ويظهر -واللَّه أعلم- للباحث أن مخالفة الواحد والاثنين إذا ثبت أنها شاذة، فالعلماء متفقون على أنها لا تؤثر على الإجماع في شيء، وربما كان أصحاب القول الثاني يرون أنه في الغالب أن المخالفة إذا كانت من واحد أو من اثنين فإنها تكون شاذة غير معتبرة.
(٢) "إحكام الفصول" (ص ٤٦١)، "كشف الأسرار" (٣/ ٢٤٥)، "أصول السرخسي" (١/ ٣١٦)، "شرح تنقيح الفصول" (ص ٣٣٦)، "الإحكام" للآمدي (١/ ٢٣٥)، "التلخيص في أصول الفقه" (٣/ ٦٢)، "المستصفى" (١/ ١٨٦)، "التمهيد" لأبي الخطاب (٣/ ٢٦٠).
(٣) وقد اختلف أصحاب هذا القول: هل يعتبر قول الأكثر حجة أم لا؟ على قولين: الأول: أنه ليس بحجة، وهو قول جماهيرهم. الثاني: أنه حجة، وهو قول ابن الحاجب. ينظر: "مختصر ابن الحاجب" (٢/ ٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>