للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الرابع: ألفاظ الإجماع]

تتعدد ألفاظ الإجماع بتعدد إطلاقات العلماء الذين ينقلون ويحكون الإجماع، وباختلاف تلك الإطلاقات عن بعضها البعض.

وبعد التأمل والنظر نجد أنها تأتي على مراتب متفاوتة في القوة والضعف، ويمكن أن نجملها في التقسيم الآتي -وهي مُرتّبة من حيث القوة-:

• أولًا: ألفاظ الإجماع الصريحة:

وهذا القسم من مراتب ألفاظ الإجماع أعلى ألفاظ الإجماع وأقواها، وله عدة عبارات وإطلاقات يستخدمها العلماء رحمهم اللَّه تعالى، وهي لفظ الإجماع ومشتقاته، كقولهم: (أجمع العلماء؛ أجمعوا؛ إجماع؛ الإجماع؛ إجماعهم؛ مجمعون؛ مجمع عليه؛ إجماع المسلمين؛ إجماع أهل العلم؛ إجماع العلماء؛ إجماع الفقهاء؛ إجماع الأمة؛ إجماع أهل الملة؛ إجماع أهل القبلة؛ إجماع السلف).

وهذه الإطلاقات بعضها أقوى من بعض، وإن كانت تدل على حكاية الإجماع كلها.

فمثلًا: عبارة (أجمع المسلمون) أقوى من عبارة (أجمع السلف)؛ إذ إن الأولى يدخل فيها حتى المبتدعة الذين ابتدعوا في الدين، وخرجوا عن أهل السنة، ولكن بدعتهم التي ابتدعوها لم تصل إلى حد الكفر، وقد تصل إلى حد الفسق (١).

وهنا مسألة يجب التنبيه عليها، وهي: أن عبارة (هذا لا يصح بالإجماع) لا تعتبر دالة على الإجماع؛ وذلك لأن العبارة تدل على معنيين؛ فقد تكون دالة على وقوع الإجماع على نفي الصحة، وقد تكون دالة على نفي وقوع الإجماع على الصحة.

فلو قال عالم: "الوضوء بالنبيذ لا يصح بالإجماع"، فإن المعنى يحتمل أن يكون الإجماع على عدم صحة الوضوء بالنبيذ، وقد يكون يريد أن الإجماع لم يقع على صحة الوضوء بالنبيذ.


(١) ستأتي مناقشة هذه المسألة في المبحث الأخير من هذا التمهيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>