للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان التغير يسيرًا غير بين، واللَّه تعالى أعلم.

أما الكلام عن الماء الذي تغير بمكثه، وهو الماء الآجن فقد أفردت له مسألة مستقلة؛ لأنه في الحقيقة لم يتغير بشيء آخر وإنما من نفسه بطول المكث، فكان ينبغي إفراده.

النتيجة: أن الإجماع متحقق فيما دون مسألة التغير بورق الشجر؛ لعدم وجود المخالف في المسألة، واللَّه تعالى أعلم.

أما الماء الذي تغير بورق الشجر، فالإجماع غير متحقق؛ لوجود الخلاف السابق في المسألة، واللَّه تعالى أعلم.

[٥ - ٥] الماء المتغير بطاهر يأخذ حكمه (١):

الماء الذي غيَّره شيء طاهر، كلبن أو عسل أو غيره، فإن هذا الماء يأخذ حكم ذلك الشيء الطاهر الذي غيّره، ولا تبحث المسألة في كونه مطهرًا أو لا.

ولكن بشرط أن يكون التغير بحيث يزول اسم الماء عنه.

• من نقل الإجماع: ابن عبد البر (٤٦٣ هـ) حيث يقول: "وكذلك أجمعوا أنه إذا تغير بغير نجاسة أنه طاهر على أصله، وقال الجمهور: إنه غير مطهر إلا أن يكون تغيره من تربته وحمأته (٢)، وما أجمعوا عليه فهو الحق الذي لا إشكال فيه ولا التباس معه" (٣). ونقل عنه القرطبي هذه العبارة بذاتها دون إشارة (٤).

ويقول: "وهذا إجماع لا خلاف فيه، إذا تغير بما غلب عليه من نجس أو طاهر: أنه غير مطهر" (٥).

ابن رشد (٥٩٥ هـ) حيث يقول: "الماء الذي خالطه زعفران أو غيره من الأشياء الطاهرة، التي تنفك منه غالبًا، متى غيرت أحد أوصافه؛ فإنه طاهر عند جميع العلماء" (٦).


(١) أريد التنبيه على أن هناك من الباحثين من اشتبهت عليه هذه المسألة وسابقتها وجعلهما مسألة واحدة.
(٢) فحينئذٍ يكون مطهرًا بجانب كونه طاهرًا.
(٣) "التمهيد" (١٩/ ١٦).
(٤) "تفسير القرطبي" (١٣/ ٤٤) ق، (١٣/ ٣١).
(٥) "الاستذكار" (١/ ١٦٢).
(٦) "بداية المجتهد" (١/ ٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>