للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى أوجب الرد إليه وإلى رسوله عليه الصلاة والسلام عند التنازع، والنزاع قد حصل، فلم يجز الانتقال عن موجب أمر الآية (١).

• جوابه: أن الآية في المسألة الخلافية، أما وقد وقع الإجماع؛ فإن الخلاف قد رفع (٢).

ولكن يبقى أن كل الإجماعات التي وقعت بعد اختلاف ليست قطعية، وليست حجة على من يرى عدم حجية هذا الإجماع، ويجب أن يتنبه لهذا الأمر عند مناقشة المسائل التي هي من هذا القبيل.

[المطلب الثاني: في الإجماع على أقل ما قيل في المسألة]

إذا اختلف العلماء في مسألةٍ ما على أقوال متفاوتة، فيها الأكثر والأقل، فإن القول المُثْبِت للأقل يعتبر مجمعًا عليه، من حيث ثبوت الأقل دون نفي الزيادة، والأصوليون يبحثون مسألة الأخذ بالإجماع في إثبات القول بأقل ما قيل في المسألة، وأنا هنا لا أريد بحث هذه المسألة، فهي مسألة أصولية خلافية مشهورة (٣)، وإنما أريد الإشارة إلى أن العلماء لم يختلفوا في أن القول بأقل ما قيل في المسألة مجمع عليه من حيث ثبوت هذا الأقل، دون نفي الزيادة التي قالت بها الأقوال الأخرى.

فالعلماء اختلفوا في دية اليهودي مثلًا على أقوال؛ فمنهم من قال: إنها مثل دية المسلم، وقيل: النصف، وقيل: الثلث.

فالقول بلزوم الثلث مجمع عليه من حيث ثبوت هذا الثلث، لا من حيث نفي الزيادة.

ولذلك يقول الإمام الغزالي معلقًا على هذه المسألة: "فإن المجمع عليه وجوب هذا القدر، ولا مخالف فيه، وإنما المختلف فيه سقوط الزيادة" (٤).

ويقول الآمدي: "فوجوب الثلث مجمع عليه، ولا خلاف فيه، وأما نفي الزيادة فغير مجمع عليه" (٥).


(١) "العدة" (٤/ ١١٠٦)، "المهذب" (٢/ ٩٢١).
(٢) "المهذب" (٢/ ٩٢١).
(٣) انظر: "المستصفى" (١٥٩)، "البحر المحيط" (٨/ ٣٠).
(٤) "المستصفى" (١٥٩)، ونقلها عنه الزركشي في "البحر المحيط" (٨/ ٣٠).
(٥) "الإحكام" (١/ ٢٨١)، وانظر: "روضة الناظر" (٢/ ٥٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>