للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختلف العلماء في المسألة على قولين، هما:

القول الأول: أن ذكر مكان الإيفاء شرط في السلم، لا فرق بين ما لحمله مؤونة، وما ليس كذلك. وهذا رواية عند الشافعية (١).

واستدل هؤلاء: بأن الجهالة في ذكر مكان الإيفاء تفضي إلى المنازعة والمخاصمة، والشارع منع هذا وسد أبوابه، حتى لا يقع الشقاق والنفرة بين المتعاقدين.

القول الثاني: لا يشترط ذكر مكان الإيفاء، إلا أن يكون العقد في موضع لا يمكن الوفاء به: كالبرية والبحرية ودار الحرب وأشباهها. وهذا قول الحنابلة (٢).

واستدل هؤلاء: بأنه إذا كان في برية ونحوها لم يمكنه التسليم في مكان العقد، فإذا ترك ذكره كان مجهولا، وإن لم يكونا في هذه الأماكن فإن العقد يقتضي التسليم في مكانه، فاكتفي بذلك عن ذكره (٣).

النتيجة: عدم صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لثبوت الخلاف فيها.

[٢٩] صحة السلم الذي وجد فيه المسلم فيه من العقد إلى حلول الأجل]

• المراد بالمسألة: إذا أسلم الرجل في طعام موصوف، وكان السعر معلوما والأجل محددا، ولم يكن زرعا أو ثمرا لم يبد صلاحهما، وكان الطعام المسلم فيه موجودا في متناول أيدي الناس، منتشرا في أسواقهم، من حين العقد، وعلم أنه يبقى على ذلك الوصف إلى حلول الأجل فإن هذا صحيح لا إشكال فيه، باتفاق العلماء.

• من نقل الإجماع:

• ابن عبد البر (٤٦٣ هـ) يقول: [واتفق الفقهاء على ذلك -يقصد سلم الرجل، في الطعام الموصوف، بسعر معلوم، إلى أجل مسمى، ما لم يكن في زرع أو ثمر


(١) "روضة الطالبين" (٤/ ١٢ - ١٣).
(٢) "المغني" (٦/ ٤١٤)، "الإنصاف" (٥/ ١٠٧ - ١٠٨)، "دقائق أولي النهى" (٢/ ٩٦).
(٣) "المغني" (٦/ ٤١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>