للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذا في حد السرقة ذهب طائفة من أهل العلم إلى أن شرط الاختيار غير معتبر في حد السرقة، فمن سرَق مكرَهًا وجب إقامة الحد عليه.

وهو قول عند الشافعية (١)، ورواية عن الإمام أحمد (٢).

الترجيح: يظهر -واللَّه أعلم- رجحان القول الأول بأن الاختيار شرط لإقامة الحدود؛ لقوة أدلته، ومناقشة القول الثاني.

الشرط الثالث: انتفاء الشبهة: يشترط لإقامة الحد على الشخص ألا يكون له شبهة في ارتكابه لما يوجب الحد، ومن الأدلة على هذا الشرط:

الدليل الأول: عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة) (٣).


(١) انظر: الأشباه والنظائر للسيوطي (١٠٥).
(٢) انظر: الفروع (٦/ ١٢٢)، الإنصاف (١٠/ ٢٥٣).
(٣) أخرجه الترمذي رقم (١٤٢٤)، قال ابن حجر في "تلخيص الحبير": "في إسناده يزيد بن زياد الدمشقي، وهو ضعيف، قال فيه البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك. . . . وأصح ما فيه حديث سفيان الثوري، عن عاصم، عن أبي وائل، عن عبد اللَّه بن مسعود قال: "ادرءوا الحدود بالشبهات، ادفعوا القتل عن المسلمين ما استطعتم" روي عن عقبة بن عامر ومعاذ أيضًا موقوفا، وروي منقطعا وموقوفا على عمر.
قلت: ورواه أبو محمد بن حزم في كتاب الإيصال من حديث عمر موقوفا عليه بإسناد صحيح". وقد روي الحديث موقوفًا على عائشة، وقرر الترمذي أن الموقوف أصح كما في سننه (٤/ ٣٣) حيث قال: "حديث عائشة لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث محمد بن ربيعة عن يزيد بن زياد الدمشقي عن الزهري عن عروة عن عائشة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ورواه وكيع عن يزيد بن زياد نحوه ولم يرفعه ورواية وكيع أصح"، وكذا قال البيهقي في السنن الكبرى (٨/ ٢٣٨): "رواية وكيع أقرب إلى الصواب". لكن الألباني ضعف الحديث مرفوعًا وموقوفًا كما في "إرواء الغليل" (٨/ ٢٥) حيث قال: "هو ضعيف مرفوعًا وموقوفًا، فإن مداره على يزيد بن زياد الدمشقي وهو متروك كما في "التقريب"، ولذلك لما قال الحاكم عقبه: "صحيح الإسناد" رده الذهبي بقوله: "قلت: قال النسائي: يزيد بن زياد شامي متروك".

<<  <  ج: ص:  >  >>