للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدم مؤاخذته بما فعله بموجب الإكراه (١).

الدليل الثالث: أن الحدود تدرأ بالشبهات، والإكراه شبهة فتدرأ بها الحدود (٢).

القول الثاني: أن الاختيار ليس شرطًا في جميع الحدود. وأصحاب هذا الرأي قد يرون الإكراه شرطًا في بعض الحدود، لكنهم لا يرونه عامًا في جميع الحدود، من جهة أن بعض الحدود لا يُتصور فيها الإكراه، ومن ذلك حد الزنا في حق الرجل، حيث ذهب الحنابلة إلى أن الرجل إن أكره على الزنا فعليه الحد (٣)، وهو قول لبعض المالكية (٤)، وقول للشافعية (٥)، وبه قال أبو ثور (٦).

واستدلوا لذلك بـ: أن الزنا من الرجل لا يُمكن تحصيله إلا عن انتشار، والانتشار لا يكون إلا عن اختيار (٧) ونوقش بأمرين.

الأول: عدم التسليم بأن الانتشار لا يكون إلا عن قصد واختيار، بدليل أن النائم قد تنتشر آلته من غير قصد منه، وإنما انتشار الآلة دليل على فحولة الرجل (٨).

الثاني: أن الانتشار فطرة فطرها اللَّه تعالى في الرجل عند إثارة شهوته سواء قصد الزنا ذلك الوقت أم لا، وتكليفه عدم انتصاب الذكر قد يكون من تكليف ما لا يُطاق (٩).


(١) انظر: أسنى المطالب (٤/ ١٢٧)، مغني المحتاج (٥/ ٤٤٥).
(٢) انظر: المغني (٩/ ٥٧).
(٣) انظر: المغني (٩/ ٥٧)، الإنصاف (١٠/ ١٨٢).
(٤) انظر: التاج والإكليل لمختصر خليل (٨/ ٣٩٤).
(٥) انظر: مغني المحتاج (٥/ ٤٤٥).
(٦) انظر: المغني (٩/ ٥٧).
(٧) انظر: المبسوط (٩/ ٩٥).
(٨) انظر: المرجع السابق.
(٩) انظر: المحلى (٧/ ٢٠٤ - ٢٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>