وقال محمد بن نصر المروزي: "ليس لهذا الحديث إسناد يحتج به". نقله عنه ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" (٣٧٢)، وظاهر صنيع ابن رجب تضعيف الحديث وأن الأشبه إرساله حيث قال: "وقد خرجه الحاكم، وقال: "صحيح على شرطهما"، كذا قال، ولكن له علة، وقد أنكره الإمام أحمد جدا، وقال: ليس يروى فيه إلا عن الحسن، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلًا. . . وقد روي عن الأوزاعي عن عطاء عن عبيد بن عمير مرسلا من غير ذكر ابن عباس. وروى يحيى بن سليم عن ابن جريج قال: قال عطاء: بلغني أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: (إن اللَّه تجاوز لأمتي عن الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه) خرجه الجوزجاني، وهذا المرسل أشبه. وقد روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من وجوه أخر، وقد تقدم أن الوليد بن مسلم رواه عن مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعا، وصححه الحاكم وغربه، وهو عند حذاق الحفاظ باطل على مالك، كما أنكره الإمام أحمد وأبو حاتم، وكانا يقولان عن الوليد: إنه كثير الخطأ، ونقل أبو عبيد الآجري عن أبي داود قال: روى الوليد بن مسلم عن مالك عشرة أحاديث ليس لها أصل، منها: عن نافع أربعة، قلت: والظاهر أن منها هذا الحديث، واللَّه أعلم". بينما صحح الحديث جماعة آخرون، منهم: الحاكم حيث قال في "المستدرك" (٢/ ٢١٦): "حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي، وصححه ابن حزم أيضًا في المحلى (٣/ ٤٢٧) حيث قال: "وقد صح عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-" ثم ذكر الحديث، وحسنه النووي كما في "الأربعين النووية" رقم (٣٩)، والمجموع (٢/ ٣٩٠)، وقال ابن كثير في "تحفة الطالب" (٢٧١): "إسناده جيد"، وقال السخاوي في المقاصد الحسنة (٣٧١): "مجموع هذه الطرق يظهر أن للحديث أصلًا"، وقال ابن حجر في "فتح الباري" (٥/ ١٦١): "رجاله ثقات، إلا أنه أعل بعلة غير قادحة"، وقال السيوطي في "الأشباه والنظائر" (١٨٨) حيث قال: "فهذه شواهد قوية تقضي للحديث بالصحة"، وصححه الألباني كما في "إرواء الغليل" (١/ ١٢٣). وعلى كلٍ فالحديث حتى على القول بضعفه فإن العمل به محل اتفاق بين أهل العلم، كما قال ابن العربي في "أحكام القرآن" (٣/ ١٦٣): "الخبر وإن لم يصح سنده فإن معناه صحيح باتفاق من العلماء"، وأقره على ذلك القرطبي في تفسيره (١٠/ ١٨٢). وانظر: البدر المنير لابن الملقن (٤/ ١٧٩)، المقاصد الحسنة للسخاوي (٣٧١)، تذكرة الموضوعات لابن الجوزي (٩١).