للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كراء الأرض بالذهب والورق؟ فقال: "لا بأس به، إنما كان الناس يؤاجرون على عهد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على الماذيانات، وأقبال الجداول، وأشياء من الزرع، فيهلك هذا ويسلم هذا، ويسلم هذا ويهلك هذا، فلم يكن للناس كراء إلا هذا، فلذلك زجر عنه، فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس به" (١).

• وجه الدلالة: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهاهم عما كانوا يتعاملون به، وهو اشتراط جزء معين من الزرع في المزارعة، فدل ذلك على تحريمه.

الثاني: أن اشتراط جزء معين من الزرع، لا يؤمن عليه التلف، فيقع الحيف والجور في المعاملة؛ لاحتمال انفراد أحدهما بالغلة دون صاحبه (٢).

الثالث: أن المزارعة فيها معنى المشاركة، واشتراط جزء معين يؤدي إلى قطع المشاركة بينهما في الريع مع حصوله؛ لجواز أن يحصل الريع في الناحية المشروطة لأحدهما دون الآخر، فصار كما لو اشترط جزءا معلوما من الربح في المضاربة (٣).

النتيجة: صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.

[٦] تحريم اشتراط منفعة على العامل في المزارعة]

• المراد بالمسألة: إذا وقع العقد بين طرفين على المزارعة، واشترط رب الأرض على العامل شرطا خارجا عن مقتضى العقد، يكون فيه منفعة له، مثل: أن يشترط عليه استعارة دوابه، أو رعي ماشيته، أو يزرع له أرضا أخرى غير التي وقع عليها العقد، وما أشبه ذلك، فهذا الشرط محرم، بلا نزاع من العلماء.

• من نقل الإجماع:

• ابن تيمية (٧٢٨ هـ) يقول: [يشترط أحدهما على الآخر، أن يزرع له أرضا أخرى، أو يبضعه بضاعة يختص ربها بربحها، أو يسقي له شجرة أخرى، ونحو


= قيس] كان ثقة قليل الحديث. "طبقات ابن سعد" (٥/ ٧٣)، "الاستيعاب" (١/ ٣٨٣)، "أسد الغابة" (٢/ ٨٨)، "الإصابة" (٢/ ١٥٥).
(١) أخرجه البخاري (٢٣٢٧)، (ص ٤٣٧)، ومسلم (١٥٤٧)، (٣/ ٩٥٨) واللفظ له.
(٢) ينظر: "المغني" (٧/ ٥٥٦).
(٣) ينظر: "المبسوط" (٢٣/ ٦٠)، "بدائع الصنائع" (٦/ ١٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>