للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وابن حزم الظاهريان (١)، فذهبوا إلى أن تصرف المريض لا حد له، فيتصدق بما شاء في حال صحته وفي حال مرضه سواء.

• دليلهم: يستند الخلاف إلى عدة أدلة، منها: لأول: قول اللَّه سبحانه وتعالى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٧٧)} [الحج: ٧٧].

وقوله سبحانه وتعالى: {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٣٧)} [البقرة: ٢٣٧].

• وجه الدلالة من الآيتين: أن فيهما الحث على فعل الخيرات، وعدم نسيان الفضل بين المؤمنين أو الأزواج، ولم يخص صحيحًا من مريض (٢).

الثاني: لأنه لما كان ما أنفقه من ماله في ملاذه وشهواته من رأس ماله كان ما يتقرب به من عتقه وهباته ومحاباته أولى أن تكون من رأس ماله (٣).

النتيجة: صحة الإجماع في أن تصرفات المريض مرض الموت تكون من الثلث فقط، وأما خلاف الظاهرية فهو مردود لأمرين:

الأول: أن قولهم في مقابل النص، والأحاديث الصريحة التي أوردها الجمهور، تقضي على نصوصهم العامة.

الثانى: شذوذهم عن الجمهور، قال ابن عبد البر: (والحجة عليهم شذوذهم عن السلف ومخالفة الجمهور) (٤).

[[١٢٩ - ٢] جواز تصرف المريض في ثلث ماله]

• المراد بالمسألة: يجوز للمريض أن يتصرف في ثلث ماله بجميع أنواع التصرفات، من الوصايا والتبرعات المنجزة، سواء كان المرض مخوفًا أم غير مخوف (٥).


(١) المصدر السابق (٩/ ٣٤٨).
(٢) المحلى (١٠/ ٢٢٤).
(٣) الحاوي الكبير (٨/ ٣٢٠).
(٤) التمهيد (٨/ ٣٧٨).
(٥) والفرق بين هذه المسألة والتي قبلها: أن هذه تبحث في حكم ما لو تصرف المريض في ثلث ماله ولم يتعداه، أما السابقة: فإنها تتعلق بحكم ما زاد على الثلث في تصرفات المريض.

<<  <  ج: ص:  >  >>