للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:

الأول: أن هذا الماء لما كان صاحبه قد استحق الانتفاع منه، كان له التصرف فيه بما شاء، سواء استفاد هو منه، أو أفاده لغيره، كما لو انفرد به من أصله (١).

الثاني: القياس على من حاز الماء إلى رحله أو إنائه، فله حق التصرف فيه بما شاء، فكذلك الماء الذي غرفه بدولابه له حق التصرف فيه بما شاء.

النتيجة: صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.

[٩] حريم البئر والعين في الأرض الموات]

• المراد بالمسألة: حريم الشيء هي: حقوقه ومرافقه التي حوله وأطرافه، وتسميته بالحريم؛ لأن التصرف به والانتفاع منه لغير مالكه حرام وممنوع (٢).

والمقصود هنا: أن المحيي للبئر والعين يملكهما مع حريمهما المحيطة بهما، فإذا ملكهما فلا يحق لأحد الاعتداء على ملكه ولا على حريمه، بإجماع العلماء.

• من نقل الإجماع:

الكاساني (٥٨٧ هـ) يقول: [لا خلاف في أن من حفر بئرا في أرض الموات، يكون لها حريم، حتى لو أراد أحد أن يحفر في حريمه، له أن يمنعه. . .، وكذلك العين لها حريم بالإجماع] (٣).


= "مغني المحتاج" (٣/ ٥١٨). وهناك تنبيهات:
الأول: الحنفية: يرون أن الأنهار العظيمة لا ملك لأحد فيها، وحقها عام لعامة المسلمين، وقالوا بأنه لو شق أحد منها نهرا صغيرا إلى أرضه فله ذلك، ويتصرف فيه كما يشاء، ما لم يقع منه ضرر، فيدخل في هذا تصرفه في نصيبه من النهر فيعطيه من شاء.
الثاني: المالكية: يرون أن ماء السيل إذا جرى في ملكه فله التصرف فيه كيف شاء، بل ويجوز له بيعه وهبته والتصدق به على المشهور عندهم، فمن باب أولى ماء الأنهار المملوكة.
الثالث: الشافعية: يرون أن الدولاب الذي يديره الماء إذا دخل الماء في كيزانه ملكه، أو كان هو أولى به، وإذا ملكه فله التصرف فيه بما شاء سواء كان بنفسه أو لغيره.
(١) ينظر: "المغني" (٨/ ١٧٢).
(٢) "درر الحكام شرح مجلة الأحكام" (٣/ ٢٨٧).
(٣) "بدائع الصنائع" (٦/ ١٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>