للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الرابع: شروط الإجماع]

يشترط للإجماع جملة من الشروط أذكر أهمها (١):

[الشرط الأول: أن يكون للإجماع مستند.]

والمستند هو: الدليل الذي يعتمد عليه المجتهدون فيما أجمعوا عليه، وهذا شرط عند جماهير العلماء، بل قال الآمدي: [اتفق الكل على أن الأمة لا تجتمع على الحكم إلا على مأخذ ومستند يوجب اجتماعها عليه، خلافًا لطائفة شاذة. . .] (٢).

ويؤيد قول الجمهور عدة أدلة، منها:

الدليل الأول: قياس علماء الأمة على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فكما أنه لا يتكلم إلا بوحي، كما وصفه اللَّه بقوله: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)} (٣) فكذلك علماء الأمة -وهم أقل منزلة منه- أولى ألَّا يتكلموا إلا بدليل.

الدليل الثاني: أنه لو جاز انعقاد الإجماع من غير دليل لم يكن لاشتراط الاجتهاد في قول المجمعين معنى، وهذا محال، وما أدى إلى المحال فهو محال، ولا يخفى أن اشتراط الاجتهاد مجمع عليه.

الدليل الثالث: أن الإجماع بغير مستند قول في الدين بغير علم، وقد نهى اللَّه سبحانه وتعالى عن ذلك فقال: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٣)} (٤) (٥).


(١) ذكرت في هذا المبحث أهم الشروط التي لها أثر في البحث، وأعرضت عن الباقي لعدم صلتها بالبحث مباشرة.
(٢) "الإحكام" (١/ ٢٦١). وينظر في هذه المسألة: "كشف الأسرار" (٣/ ٢٩٣ - ٢٩٥)، "شرح الكوكب المنير" (٢/ ٢٥٩).
(٣) النجم: الآيتان (٣ - ٤).
(٤) الأعراف: الآية (٣٣).
(٥) ويرى ابن تيمية أن مستند الإجماع لا بد أن يكون منصوصا عليه من الكتاب والسنة، =

<<  <  ج: ص:  >  >>