للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثالث: حكمة مشروعية الجهاد في سبيل اللَّه

شرع اللَّه الجهاد في سبيله اللَّه لأهداف نبيلة، وغايات سامية يختلف بها عن غيره من الحروب التي تنشب لعداوات عرقية، أو أغراض مادية، أو أهداف توسعية، كما هو حال الحروب الكافرة البشعة في كل زمان ومكان.

• ومن أهداف الجهاد في سبيل اللَّه ما يأتي:

١ - الهدف الأعظم والأسمى للجهاد في سبيل اللَّه هو: إعلاء كلمة اللَّه، ورفع رايته، ونشر دعوته في أنحاء الأرض. فلم يشرع الجهاد لحب الغلبة، أو التسلُّط، أو العدوان.

وفي هذا يقول اللَّه تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ} [النساء: ٧٦]، ويقول سبحانه: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ} [البقرة: ١٩٣].

• المراد بالفتنة في الآيات: الشرك والكفر، ويكون الدين للَّه بإخلاص التوحيد فلا يعبد من دونه أحد، وتضمحل عبادة الأوثان والآلهة والأنداد، فإن انتهوا عن الشرك والكفر الذي تقاتلونهم عليه إما بالإسلام، أو الجزية فدعوا الاعتداء عليهم وقتالهم (١).

وعن أبي موسى -رضي اللَّه عنه- قال: جاء رجل إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل للذِّكْر، والرجل يقاتل ليرى مكانه، فمن في سبيل اللَّه؟ قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من قاتل لتكون كلمة اللَّه هي العليا فهو في سبيل اللَّه" (٢).

٢ - رد أي عدوان على المسلمين، من قبل أعدائهم الكافرين.

يقول اللَّه تعالى: {أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣) قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤)} [التوبة: ١٣، ١٤].

٣ - رفع الظلم عن المستضعفين، وإحقاق الحق ونصرة أهله.


(١) "الجامع لأحكام القرآن" (٢/ ٣٥١)، و"تفسير القرآن العظيم" (١/ ٢١٦).
(٢) أخرجه البخاري، كتاب "الجهاد"، باب من قاتل لتكون كلمة اللَّه هي العليا (٣/ ١٠٣٤، برقم ٢٦٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>