للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستخدم في موضعٍ من كتابه "الأوسط" عبارة (كالإجماع) (١)، إلا أنها لا تعني الإجماع؛ لأن الإجماع يفتقر إلى الجزم (٢).

وابن المنذر يعتبر من المتساهلين في حكاية الإجماع، ولذا يقول الإمام ابن القيم: "وهذه عادة ابن المنذر؛ أنه إذا رأى قول أكثر أهل العلم حكاه إجماعًا" (٣).

[٥ - الإمام ابن حزم (٤٥٦ هـ) من خلال كتابيه "مراتب الإجماع"، و"المحلى"]

ابن حزم أحد أكثر العلماء شهرة في هذا المجال، حيث إنه قد صنف كتابًا في الإجماعات الفقهية، وهو مراتب الإجماع، سار فيه على أبواب الفقه كلها، يذكر ما وجده من اتفاقات فقهية فرعية.

وقد بيّن كثيرًا من منهجه في مقدمة كتابه الآنف الذكر.

وقد وجدت أنه في مسألةٍ حكى فيها الاتفاق في المراتب، ثم خالف هو هذا الاتفاق في "المحلى" (٤)، وهذا لا شك أنه وهم منه رحمه اللَّه أو نسيان، وهو مما يتعرض له البشر بطبيعتهم.

ثم إن ابن حزم له منهج غريب في حكاية الاتفاق في كتابه "المراتب"، وقد قسم الإجماع إلى طرفين:

الأول: وهو الإجماع المعروف.

الثاني: "هو ما اتفق جميع العلماء على أن من فعله أو اجتنبه؛ فقد أدى ما عليه من فعل أو اجتناب؛ أو لم يأثم، فسمى هذا القسم الإجماع الجازي" (٥).

وفي هذا القسم الثاني إشكال، فهو يحكي الاتفاق على مسألة، بقيود أكثر من المسألة الأصلية، ثم يقول: إن من فعل هذا فقد أدى ما عليه، ومنهجه في هذه القيود أنه يستثني بكل قيدٍ قولًا في المسألة؛ حتى يخرج خلافه منها، فهي أشبه بحكاية الخلاف في المسائل المستثناة أكثر منه حكايةً للإجماع.


(١) انظر: مسألة (تحريم الوطء للحائض قبل الغُسل).
(٢) انظر للاستزادة "رسالة الإجماع عند الإمام النووي" للباحث على الراشدي (١/ ٢٠٥).
(٣) نقله المرداوي عنه في "تصحيح الفروع" (١/ ٤٦٥)، انظر: "إجماعات ابن عبد البر" (١/ ٦٦).
(٤) انظر: مسألة (زوال العقل ينقض الوضوء).
(٥) "مراتب الإجماع" (٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>