للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدليل الثاني: عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: (ادفعوا الحدود ما وجدتم له مدفعًا) (١).

وهذا الشرط متفق عليه بين المذاهب الفقهية الأربعة على اختلاف بينهم في الصور المندرجة تحتها، وحكاه جمع من أهل العلم إجماعًا منهم ابن المنذر (٢)، وابن الهمام (٣)، وغيرهم (٤)، ولم يخالف فيه إلا الظاهرية حيث ذهبوا إلى أن الحد لا يدرأ بالشبهات (٥).

[الشرط الرابع: العلم بالتحريم]

فلا يقام الحد على شخص حتى يكون عالمًا بتحريم ما ارتكبه من زنى، أو قذف، أو شرب خمر، أو غير ذلك (٦)، قال الموفق ابن قدامة: "وبهذا قال


(١) أخرجه ابن ماجه، رقم (٢٥٤٥)، وضعفه ابن حجر في "بلوغ المرام" (٣٧٠)، والألباني في "الإرواء" (٨/ ٢٦)؛ لأن في سنده إبراهيم بن الفضل المخزومي، ضعفه أحمد وابن معين وأبو زرعة، وأبو حاتم، والبخاري، والترمذي والنسائي، انظر: تهذيب التهذيب (١/ ١٣١)، الكاشف (١/ ٢٢٠)، الكامل في ضعفاء الرجال (١/ ٣٧٥). وتوجد أحاديث أخرى في هذا الباب ذكرها البيهقي في سننه الكبرى (٨/ ٢٣٨ - ٢٣٩)، بعضها مرفوع، والأخرى موقوف، وجميع الأحاديث المذكورة في هذا الباب، لا تخلو من مقال، حيث قد أشار إلى ضعفها البيهقي في سننه الكبرى (٨/ ٢٣٨ - ٢٣٩) وابن حزم في المحلى (١٢/ ٥٨)، ولكن أشار ابن الهمام في فتح القدير (٥/ ٢٤٩) إلى أن هذه الأحاديث مع ضعفها سندًا إلا أن الأمة تلقتها بالقبول، واتفق العلماء على العمل بها.
(٢) انظر: الإجماع (١١٣).
(٣) انظر: فتح القدير (٥/ ٢١٧)، (٥/ ٢٤٩).
(٤) انظر: العناية شرح الهداية (٧/ ٥٠٤)، أضواء البيان للشنقيطي (٥/ ٣٩٢).
(٥) المحلى (١٢/ ٥٧ - ٥٨)، وسأتي ذكر هذا الشرط مفصلًا مع بيان من نقل الإجماع، وأدلته، ومن خالف الإجماع مع أدلته في مسألة "درء الحدود بالشبهات" برقم ٣٤.
(٦) أما العلم بالعقوبة فلا يشترط، فلو كان عالمًا بتحريم الزنا مثلًا لكنه جهل عقوبة ذلك من الرجم أو الجلد، فإن ذلك لا يدفع عنه الحد، وحكى النووي الاتفاق عليه في "المجموع" (٧/ ٣٦٣) فقال: "من زنى أو شرب أو سرق عالمًا تحريم ذلك، جاهلًا وجوب الحد، فيجب الحد بالاتفاق". وانظر: زاد المعاد (٥/ ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>