للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>


= وما بينهما في ستة أيام، والعقول الصريحة تعلم أن الحوادث لا بد لها من محدث".
بل حكى في منهاج السنة (١/ ١٦٥) إجماع العقلاء على ذلك فقال: "أجمع العقلاء على أن كل ما كان مرادًا مقدورًا يجب أن يكون حادثًا كائنًا بعد أن لم يكن، والعالم مما بدخل تحت الإرادة والقدرة، فيكون حادثًا كائنًا بعد أن لم يكن".
وحكى في "منهاج السنة" أيضًا (١/ ١٧٦ - ١٧٧) القول بقدم العالم ثم قال: "وهذا كفر باتفاق أهل الملل: المسلمين، واليهود، والنصارى".
والقول بقدم العالم أشهر من قال به طائفتان:
الأولى: الدهرية: حيث قالوا بأن العالم كان في الأزل على هذه الصورة، في أفلاكه، وكواكبه، وسائر أركانه، وأن الحيوانات متناسلة، كما هي الأن، وأن السماوات لم تزل على ما هي عليه الآن، وأن مادة السماوات والأرض ليستا مبتدعتين.
الثانية: الفلاسفة -وهم كفار من الروم، كانوا من أهل اليونان-: وهؤلاء لم يكونوا يقولون بقدم العالم والأفلاك، وإنما أشهَرَ القول به أرسطو طاليس، وابتاع هذه المقالة، واتبعه على ذلك تلامذته وصرَّحوا بالقول به، ولذا يقول الشهرستاني في "الملل والنحل" (٢/ ١٤٨): "إن القول في قدم العالم وأزلية الحركات بعد إثبات الصانع، والقول بالعلة الأولى، إنما شهر بعد أرسطوطاليس؛ لأنه خالف القدماء صريحًا، وأبدع هذه المقالة على قياسات ظنها حجة وبرهانًا، فنسج على منواله من كان من تلامذته، وصرَّحوا القول فيه؛ مثل الإسكندر الأفروديسي، وثامسطيوس، وفورفوريوس". انظر: منهاج السنة النبوية (٧/ ١٧٧، ١٨٧، ٢٠٠، ٢٣٥)، درء التعارض (٩/ ٢٦١ - ٢٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>