للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: من المعلوم بالضرورة أن الواحد لا يستطيع أن يقوم بالإحياء بنفسه، بل لا بد من أحد يعينه على عمله؛ وذلك لوجود المشقة، خاصة في زماننا هذا ومع تطور العلم وتغير الأحوال، ومع هذه الضرورة لم يذكر الشارع فيها شيئًا، فدل على أنه لو استأجر أحدا فليس للأجير من الملك شيء، ومن باب أولى كذلك من أعانه من غير أجرة.

الثاني: أن الشارع لم يجعل من شروط الإحياء أن يقوم بالإحياء بنفسه، فسكوته دليل على بقاء الأمر على الأصل وهو الإباحة.

الثالث: القياس على الوكيل في الوكالة: فكما أنه يُنَفِّذ ما وكله به المُوَكِّل، وليس له حق في المشاركة في الحق الذي وُكِّل عليه، فكذلك المعينون للمحي في إحياء الموات.

النتيجة: صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.

[٥] تحريم إحياء أو إقطاع الأرض التي فيها مصالح أهل القرية]

• المراد بالمسألة: الأرض التي تكون مجاورة للقرية، ولأهلها منافع بها، كأن تكون مرعى لماشيتهم، ومحتطبا لهم، أو يكون فيها طرقهم، أو إليها مسيل مائهم، وما أشبه ذلك، فهذه لا يجوز إحياؤها، ولا يجوز للإمام إقطاعها، بلا خلاف بين العلماء.

• من نقل الإجماع:

• ابن عبد البر (٤٦٣ هـ) يقول: [ولا خلاف بين العلماء أن الإمام لا يجوز له إقطاع. . .، مسارح القوم التي لا غنى لهم عنها لإبلهم ومواشيهم] (١).

• ابن هبيرة (٥٦٠ هـ) يقول: [واتفقوا على أن الأرض إذا كانت أرض ملح، أو ما فيه للمسلمين منفعة، فلا يجوز للمسلم أن ينفرد بها] (٢).

• ابن قدامة (٦٢٠ هـ) يقول: [ما تعلق بمصالح القرية: كفنائها، ومرعى ماشيتها، ومحتطبها، وطرقها، ومسيل مائها، لا يملك بالإحياء، ولا نعلم فيه


(١) "الاستذكار" (٣/ ١٤٦).
(٢) "الإفصاح" (٢/ ٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>