للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا عند عدمه، وهذا الماء لا زال يطلق عليه اسم الماء؛ فوجب استعماله (١).

٢ - أنه لا يمكن صون الماء عن مثل هذه الأشياء، فعفي عنها، كما عفي عن النجاسة اليسيرة، والعمل القليل في الصلاة (٢).

• الخلاف في المسألة: في مسألة تغير الماء بنحو الطحلب والخز والعيدان، لم أجد خلافا سوى ما نقله الحطاب، حيث نقل قولًا محكيًّا عن الإمام مالك بالكراهة فقط، إذا وجد غير ذلك الماء، وأمكن الاستغناء عنه (٣).

ووجدت المرداوي أيضًا حكاه قولًا في المذهب الحنبلي (٤).

ولكن هذا القول غير مخالف لمسألتنا في الحقيقة، فليس فيه إلا الكراهة، وهي لا تنافي الجواز، واللَّه تعالى أعلم.

وأما مسألة تغيره بورق الشجر، فقد ثبت فيها الخلاف:

فخالف في المسألة الشافعية في وجه (٥)، فقالوا: هو غير طهور ولا يعفى عن هذا التغير.

ويمكن أن يستدل لهذا المذهب بأن الماء قد تغير ولم يصبح ماءً مطلقًا؛ فلا يتوضأ به.

وخالف الشافعية في وجه آخر (٦)، فقالوا بأنه يفرق بين الورق الخريفي والربيعي، فالخريفي لا يضره، وأما الربيعي فيسلبه الطهورية.

واستدلوا: بأن الربيعي رطوبة تخالط الماء، وتساقطه نادر فلا يعفى عنه، بخلاف الخريفي.

وخالف المالكية في قول (٧)، فقالوا بأنه يفرق بين التغير البين وغير البين؛ فإن كان التغير بَيِّنًا فيضر، وإن لم يكن كذلك فلا.

ويمكن أن يستدل لهذا المذهب بأن الماء إذا تغير وأصبح التغير بَيِّنًا؛ لم يصبح ماءً مطلقًا، ولا يسوغ أن نبرر طهورية الماء بالعفو عن اليسير فالتغير بيِّن، بخلاف ما لو


(١) انظر: "المحلى" (١/ ١٩٤).
(٢) انظر: "المجموع" (١/ ١٥٠).
(٣) "مواهب الجليل" (١/ ٥٦)
(٤) "الإنصاف" (١/ ٢٢).
(٥) "المجموع" (١/ ١٥٩).
(٦) "المجموع" (١/ ١٥٩).
(٧) "مواهب الجليل" (١/ ٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>