للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا حاله عليه الصلاة والسلام وهو المعصوم عن الخطإ، فإن العلماء أولى ألا يقولوا في الدين إلا عن حجة ودليل (١).

ومستند الإجماع قد يكون الكتاب، أو السنة، أو القياس، أو المصلحة.

فمثال الإجماع المستند إلى الكتاب: الإجماع المنعقد على أن الزواج بالجدة محرم (٢)، والمستند إلى قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣]، فالمراد بالأمهات في هذه الآية الأصول من النساء وإن علون، فهي بهذا المعنى تشمل جميع الجدات.

ومثال الإجماع المستند إلى السنة: إجماع صحابة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على أن نصيب الجدة من الميراث السدس (٣)، فقد روي أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أعطى الجدة السدس (٤).

ومثال الإجماع المستند إلى القياس: ما أجمع عليه الصحابة رضوان اللَّه عليهم من ضرب شارب الخمر ثمانين جلدة (٥)، وذلك، بالقياس على الحد المقرر في حق القاذف، فعن أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- أن نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جلد في الخمر


(١) ينظر: الإحكام للآمدي (١/ ٣٢٣).
(٢) مراتب الإجماع (ص: ٦٦).
(٣) الإجماع لابن المنذر (ص: ٦٩)، مراتب الإجماع (ص: ١٠١).
(٤) في أحاديث متعددة، منها ما أخرجه مالك في الموطأ، كتاب الفرائض، باب ميراث الجد برقم (١٠٧٤)، وأبو داود في سننه، كتاب الفرائض، باب فى الجدة برقم (٢٨٩٦)، وابن ماجه في سننه، كتاب الفرائض، باب ميراث الجدة برقم (٢٧٢٤)، والترمذي في جامعه، كتاب الفرائض، باب ما جاء في ميراث الجدة برقم (٢١٠٠)، وصححه ابن الجارود في المنتقى برقم (٩٥٩)، وابن حبان برقم (٦٠٣١)، والحاكم برقم (٧٩٧٨) عن قبيصة بن ذؤيب قال: جاءت الجدة إلى أبي بكر -رضي اللَّه عنه- تسأله ميراثها، فقال: ما لك في كتاب اللَّه شيء! وما علمت لك في سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- شيئا! فارجعي حتى اسأل الناس، فسأل الناس، فقال المغيرة بن شعبة: حضرت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أعطاها السدس، فقال أبو بكر: هل معك غيرك؟ فقام محمد بن مسلمة الأنصاري فقال مثل ما قال المغيرة، فأنفذه لها أبو بكر -رضي اللَّه عنه-.
(٥) فتح الباري (١٢/ ٧٣)، الإبهاج (٢/ ٣٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>