وذهب جمهور العلماء إلى أن انقراض العصر ليس شرطًا في صحة الإجماع (١) وأن المعتبر في إجماع مجتهدي عصر من العصور اتفاقهم ولو في لحظة واحدة.
وهذا هو المختار، فلا يُشترط أن ينقرض عصر المجمعين، أو يمضي زمن طويل على اتفاقهم، بل متى اتفقوا واستقر قولهم، وعلم ذلك منهم، انعقد الإجماع؛ لأن اشتراط انقراض عصر المجمعين يؤدي إلى تعذر وقوع الإجماع؛ لتلاحق المجتهدين.
ولعل من اشترط انقراض العصر أراد بذلك زيادة التثبت في نسبة قول المجمعين إليهم، والاطلاع على أحوالهم للعلم باستقرارهم على أقوالهم.
ويُجاب عن ذلك: بأنه إذا حصل التأكد من وقوع الاتفاق والعلمُ بموافقة جميع المجتهدين، ولو في لحظة واحدة، فلا يُلتفت بعد حصول الإجماع إلى مخالفة من خالف، سواء كان من أهل الإجماع أو من غيرهم.
أما إذا نُقِل الاتفاق دون التأكد من استقرار جميع المجتهدين على أقوالهم، فالإجماع المنقول لا يكون صحيحًا، سواء انقرض العصر أو لم ينقرض.
(١) المستصفى (١/ ١٥٠)، والبحر المحيط في أصول الفقه، لبدر الدين الزركشي (٣/ ٥٥٣)، والإحكام للآمدي (١/ ٣١٦)، وروضة الناظر (١/ ٣٧٤، ٣٧٥).