للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روايات وأوجه في المذاهب الأخرى، فعلى سبيل المثال لا الحصر: ابن عبد البر من العلماء الذين لهم اطلاع واسع على الخلاف بين المذاهب، وله عناية بحكاية الإجماع، وقد نص على اعتماد رواية الكوسج فيما ينقله عن الإمام أحمد (١)، ورواية الكوسج ليست هي المذهب فقط، وليس فيها كل ما نقل عن الإمام، بل ثمة روايات أخرى كثيرة تنقل عن الإمام، وربما كان فيها ما يخالف ما ذكره الكوسج في كتابه، ولا يخفى أن مذهب الإمام أحمد من أوسع المذاهب في تعدد الروايات.

رابعًا: تفاوت العلماء في حكاية الإجماع، فمنهم من يحكي الإجماع ويقصد به الإجماع بمعناه الأصولي، ومنهم من يحكيه ويقصد به الإجماع المذهبي، وقد ظهر للباحث جملة من القرائن التي تميّز الأول عن الثاني، أذكرها باختصار:

الأولى: أن يحكي العالم الإجماع في المسألة، ثم يذكر بعده الخلاف في المذاهب الأخرى، وهذه أقوى القرائن (٢).

الثانية: أن يسبق الإجماع قول العالم: [قال أصحابنا] ثم ينفي الخلاف في المسألة، أو يقول: [بلا خلاف عندنا] (٣).

الثالثة: أن ينقلَ عبارةَ العالم الذي حكى الإجماع عالم آخر، ولا يذكر الإجماع الذي حكاه (٤).

الرابعة: أن يحكي العالم الإجماع، ثم يأتي من علماء المذهب من يبين أن المقصود من الإجماع المحكي هو إجماع علماء مذهبه (٥).


(١) "الاستذكار" (١/ ٣٩).
(٢) ينظر على سبيل المثال: "مختصر اختلاف العلماء" (٤/ ٣٨٧)، "فتح القدير" (٦/ ٣٦٨)، "البناية" (٨/ ١٤٣)، "عمدة القاري" (١٢/ ٤٩)، "درر الحكام شرح مجلة الأحكام" (١/ ٢٩١)، "المجموع" (٩/ ٢٧١).
(٣) وهذا يقع كثيرا للنووي في "المجموع"، فلا تكاد تخلو صفحة من صفحاته إلا وفيها نفي للخلاف. ينظر على سبيل المثال: (٩/ ١٩٥، ٢٢٧).
(٤) ينظر على سبيل المثال: "فتح القدير" (٧/ ١١٢)، "رد المحتار" (٥/ ٢٢٣).
(٥) ينظر على سبيل المثال: "بدائع الصنائع" (٥/ ٢٢٩)، "البناية" (٨/ ٥٦)، "الجوهرة النيرة" (١/ ١٩١)، "مجمع الأنهر" (٢/ ٢٦). "المجموع" (٩/ ١٥٩)، "مغني المحتاج" =

<<  <  ج: ص:  >  >>