للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - حديث علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه-، قال: "جعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوما وليلة للمقيم" يعني: في المسح على الخفين (١).

• وجه الدلالة: في الأولين من فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهي سنة فعلية.

أما الثالث؛ ففيه ذكر أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- للماسح أن يعمل به يوما وليلة للمقيم وثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، فيدل على مشروعيته (٢)، وهو بالمناسبة من رواية علي رضي اللَّه تعالى عنه، خلافا لما رُوي من إنكاره للمسح على الخفين.

• الخلاف في المسألة: رُوي الخلاف عن عائشة، وعلي، وابن عباس، وأبي هريرة، ومجاهد، وسعيد بن جبير (٣)، ورُوي عن أهل البيت (٤)، وخالف الشيعة والخوارج أيضًا، فقالوا: لا يجوز، وحكي عن أبي بكر بن داود (٥).

ولكن ذكر ابن المبارك، أن كل من روي عنه أنه كره المسح على الخفين؛ رُوي عنه خلاف ذلك (٦).

ورُوي ذلك عن مالك، ولكن أنكر صحتَها عنه أكثرُ القائلين بقوله (٧).

واحتجوا بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: ٦].

فقراءة النصب تقتضي وجوب غسل الرجلين مطلقا؛ لأنه جعل الأرجل معطوفةً على الوجه واليدين، إذ حكمها الغسل، فكذا الأرجل.

النتيجة: أن الإجماع غير متحقق في زمن الصحابة (٨)؛ لوجود المخالف في المسألة من بينهم -وإن أنكر صحةَ السند إليهم بعضُ العلماء- وذلك لشهرة الخلاف في المسألة، ومالك رحمه اللَّه أنكر المسح على الخفين في بداية الأمر؛ لما رأى عمل أهل


(١) مسلم كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح على الخفين، (ح ٢٧٦)، (١/ ٢٣٢).
(٢) انظر: "نيل الأوطار" (١/ ٢٢٤).
(٣) "المصنف" (١/ ٢١٣)، وقد ضعف الروايةَ عن الصحابة أحمدُ وابنُ عبد البر، انظر: "الاستذكار" (١/ ٢١٧)، و"نيل الأوطار" (١/ ٢٢٥).
(٤) "الفتاوى الكبرى" لابن تيمة (١/ ٣١٩)، و"نيل الأوطار" (١/ ٢٢٥).
(٥) "المجموع" (١/ ٥٠٠).
(٦) "الأوسط" (١/ ٤٣٤).
(٧) "الاستذكار" (١/ ٢١٦)، وانظر: "المنتقى" (١/ ٧٦).
(٨) وانظر: "مجموع الفتاوى" لابن تيمية (٢١/ ١٨٥)، و"نيل الأوطار" (١/ ٢٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>