للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آحاد من الصحابة رأي الأكثرية منهم، ولم ينكر ذلك أحد منهم (١)، فلو ثبت أن اتفاق الأكثرية حجة ملزمة للأقلية، لما حدث ما ذكرنا، والإنكار الذي حصل من أكثرية الصحابة لهؤلاء الأقلية، إنما كان إنكار مناظرة، لا إنكار تخطئة (٢).

القول الثاني: أن الإجماع ينعقد بقول الأكثرين، ومخالفة الواحد والاثنين لا يؤثر في ذلك (٣).

وهذا القول، ذهب إليه محمد بن جرير الطبري (٤)، وأبو بكر الرازي الجَصّاص (٥)، وهو رواية عن الإمام أحمد (٦).

أدلة القول الثاني: استدل أصحاب هذا القول بأدلة، منها (٧):

الدليل الأول: أن لفظ "الأمة" يصح إطلاقه على الأكثر.

وأجيب عن هذا: أنه يجوز بطريق المجاز، ولا يجوز التخصيص بالتحكم،


(١) من ذلك: أن أبا بكر الصديق -رضي اللَّه عنه- خالف رأي الأكثرية من الصحابة في امتناع قتال مانعي الزكاة، وانفراد ابن عباس رضي اللَّه عنه عن بقية الصحابة في مسائل العول، وتحليل المتعة، وأنه لا ربا إلا في النسيئة، وكذلك انفراد ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- في مسائل الفرائض. ينظر: روضة الناظر (٢/ ٤٧٦ - ٤٧٧)، الإحكام للآمدي (١/ ٢٩٥).
(٢) ينظر: المرجعان السابقان.
(٣) ينظر: المرجعان السابقان. وشرح تنقيح الفصول، لشهاب الدين القرافي (٢/ ٥٩).
(٤) هو محمد بن جرير بن يزيد أبو جعفر الطبري، مفسّر، ومحدث وفقيه مجتهد، له: جامع البيان في تفسير القرآن، وتاريخ الأمم والملوك وغيرهما، توفي ببغداد عام (٣١٠ هـ). ينظر: سير أعلام النبلاء (١٤/ ٢٦٧)، طبقات المفسرين، للسيوطي، (ص ٨٢).
(٥) هو أحمد بن علي أبو بكر الرازي الجصاص، محدث، أوصلي، وفقيه حنفي، له: أحكام القرآن، وشرح مختصر الطحاوي، توفي ببغداد عام (٣٧٠) هـ. ينظر: تاج التراجم في طبقات الحنفية، (ص: ٢)، شذرات الذهب (٣/ ٧١).
(٦) ينظر: روضة الناظر (٢/ ٤٧٤ - ٤٧٥).
(٧) ينظر في هذه الأدلة والرد عليها: روضة الناظر (٢/ ٤٧٤ - ٤٧٥)، الإحكام للآمدي (١/ ٢٩٥ - ٢٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>