للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البيع الأول، فصار بيعتين في بيعة، فيرد أوكسهما، وهو الأول، فإن تبايعا المبيع الثاني قبل أن يتقابضا الأول كانا مربيين. هذا التفسير قال به الخطابي (١) لما ذكر رواية: "فله أوكسهما أو الربا" (٢) قال: [فيشبه أن يكون ذلك في حكومة في شيء بعينه] (٣). ثم ذكره.

فالمعنى -كما ترى- قد وقع الخلاف فيه بين العلماء، وبعض هذه الأقوال هي في حقيقتها صور كما هو ظاهرٌ مِن ذِكْر بعض العلماء لها، كابن حزم مثلا. أما التفاسير التي جاءت عن الإمام مالك ومن وافقه فيجمعها ما ذكره ابن رشد في تعريف البيعتين في بيعة حين قال: [تناول البيع مبيعين، لا يتم مع لزومه للمتبايعين أو لأحدهما إلا في أحد المبيعين] (٤). ويدخل فيه الصحيح والفاسد، ولذا أجاز الإمام مالك بعض هذه الصور.

والمقصود هنا: أن ما جاء في حديث أبي هريرة يُعدُّ من الأمور المنهي عنها، وإذا وقعت فهي باطلة شرعا، بإجماع العلماء.

• من نقل الإجماع:

• ابن هبيرة (٥٦٠ هـ) يقول: [واتفقوا على أن بيعتين في بيعة باطل] (٥).

• ابن رشد الحفيد (٥٩٥ هـ) يقول: [فأما المنطوق به في الشرع، فمنه: نهيه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . .، عن بيعتين في بيعة. . .، فهذه كلها بيوع جاهلية متفق على تحريمها] (٦).

• النووي (٦٧٦ هـ) يقول لما ذكر ما جاء عن الشافعي في تفسير البيعتين في


(١) حمد بن محمد البستي أبو سليمان الخطابي الشافعي، ولد بعد العاشرة والثلاثمائة، إمام حافظ لغوي، صنف مصنفات نافعة، منها: "شرح على البخاري"، "معالم السنن"، "غريب الحديث". توفي عام (٣٨٨ هـ). "طبقات السبكي" (٣/ ٢٨٢)، "طبقات ابن شهبة" (١/ ٤٦٧).
(٢) سيأتي تخريجه في مستند الإجماع.
(٣) "معالم السنن" (٥/ ٩٨). ونقلها عنه النووي في "المجموع" (٩/ ٤١٢).
(٤) نقله عنه ابن عرفة في "حدوده" (ص ٢٥٥).
(٥) "الإفصاح" (١/ ٣٠٢).
(٦) "بداية المجتهد" (٢/ ١١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>