للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• من نقل الاتفاق: النووي (٦٧٦ هـ) حيث يقول: "فإن قيل: لا يلزم من عدم جمعه الماء المستعمل -منع الطهارة به، ولهذا لم يجمعوه للشرب والطبخ والعجن والتبرد ونحوها، مع جوازها به بالاتفاق" (١).

• الموافقون على الاتفاق: وافق على هذا الاتفاق الحنفية على القول بطهارة الماء المستعمل، وعلى القول بنجاسته نجاسةً خفيفةً (٢)، والمالكية (٣)، والحنابلة (٤)، وابن حزم (٥).

• مستند الاتفاق:

١ - قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: ٤٨].

• وجه الدلالة: حيث إن الآية تدل على أن الأصل في الماء الطهورية، وهذا الماء لم يتغير بحيث أصبح لا يسمى ماء، فيبقى على أصله فيكون طاهرًا، ويجوز استعماله، واللَّه تعالى أعلم.

٢ - أن الأصل في استعمال الماء الإباحة، وهذا الماء المستعمل يشمله هذا الحكم، ولا يخرج من هذا الأصل إلا بدليل، ولا دليل يخرجه من هذا الأصل، واللَّه تعالى أعلم.

• الخلاف في المسألة: يقول الشوكاني رحمه اللَّه: "الإجماع على إضاعته وعدم الانتفاع به -أي الماء المستعمل-" (٦).

وهذا الكلام يصادم كلام النووي السابق تمامًا، ولكن -واللَّه أعلم- أن الشوكاني رحمه اللَّه لا يقصد مسألتنا، بل يقصد مسألة الماء المستعمل في الطهارة.

ويظهر أيضًا أنه لا يقصد الإجماع الاصطلاحي، بل يقصد العادة، حيث جرت عادة الناس جميعهم على عدم الاستفادة من الماء الذي يسقط من اليد مثلًا بعد الوضوء، ولا يقصد الإجماع الاصطلاحي، إذ الخلاف في هذه المسألة مشهور.

وحتى نتأكد من ذلك؛ فالشوكاني ساق هذا الكلام في معرض الاستدلال لأبي حنيفة ومن معه على نجاسة الماء المستعمل، ثم أجاب على أدلتهم، وأجاب عن هذا الاستدلال بقوله: "وعن الثاني -أي الدليل الثاني- بأن الإضاعة لإغناء غيره عنه، لا


(١) "المجموع" (١/ ٢٠٦).
(٢) "بدائع الصنائع" (١/ ٦٦)، "البحر الرائق" (١/ ١٠١).
(٣) "مواهب الجليل" (١/ ٦٧).
(٤) "المغني" (١/ ٣٤).
(٥) "المحلى" (١/ ١٨٢).
(٦) "نيل الأوطار" (١/ ٣٣ - ٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>