للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما ابن الزبير: فقد جاء عن جابر -رضي اللَّه عنه- قال: [نهيت ابن الزبير عن بيع النخل معاومة] (١).

أما ما جاء عن عمر -رضي اللَّه عنه-: فعنه جوابان:

الأول: يحتمل أن ما جاء عنه -إن صح- على أنه باع كل سنة على حدة، ولم يكن جملة واحدة لجميع السنين (٢)، ويؤيد هذا ما جاء عنه في رواية أخرى، وفيها: لما مات أسيد، وكان دينه أربعة آلاف، بيعت أرضه، فقال عمر: [لا أترك بني أخي عالة] فرد الأرض، وباع ثمرها من الغرماء، أربع سنين بأربعة آلاف، كل سنة ألف درهم.

الثاني: ويحتمل أيضًا أن ما جاء عنه -رضي اللَّه عنه- أنه طلب من غرمائه أن يمهلوه أربع سنين، ويسدد لهم كل سنة ألفًا، يبيع ثمر الحائط كل عام، ويعطيهم ثمنه، ويشهد له ما جاء في رواية أخرى، وفيها أنه لما قام غرماؤه بماله، قال عمر: [في كم يؤدي غرماؤه ما عليه من الدين؟ ] فقيل له: في أربع سنين. قال: فرضوا بذلك، فأقر المال لهم، ولم يكن باع ثمار نخل أسيد أربع سنين من عبد الرحمن بن عوف، ولكنه وضعه على يدي عبد الرحمن بن عوف للغرماء (٣). فهذا من باب الإمهال في سداد الدين، وليس من باب البيع.

وذكر هذه الاحتمالات عن عمر من باب الالتماس لأمير المؤمنين في هذه المسألة، خاصة وأنه ثبت عنه أنه نهى عن بيع ثمار النخيل حتى تحمار أو تصفار (٤)، فإذا نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحها، فمن باب أولى أن يقول بالنهى عن بيع ما لم يخلق أصلا.

أما ما جاء عن ابن الزبير: فهو -إن صح عنه- فإن ظاهره أنه ليس رأيا رآه وعمل به عن علم وبصيرة، بل يدلس على عدم علمه بالحكم من قبل، ولذا أنكر


(١) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٨/ ٦٦)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (٥/ ٤٠٠).
(٢) ينظر: "الاستذكار" (٦/ ٣٠٧). وقد علق الإجابة عما جاء عن عمر وابن الزبير على فرض صحته عنهما.
(٣) أخرجه ابن عساكر في "تاريخ مدينة دمشق" (٩/ ٩٤).
(٤) أخرجه عنه: عبد الرزاق في "مصنفه" (٨/ ٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>