للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:

الأول: أنه لا يمكنه حفظ نفسه عن ذلك، فكان بمعنى الحرق الغالب، والغرق الغالب (١).

الثاني: أن يده يد أمانة، والأمين لا يضمن ما تلف بغير فعله مما لا يمكنه التحرز منه، وتضمينه في هذه الحالة يعد أكلا لماله بغير حق.

• المخالفون للإجماع:

خالف في هذه المسألة: الصاحبان من الحنفية، والشافعية في رواية عندهم، والحنابلة كذلك، وقالوا: بأنه يضمن (٢).

واستدل هؤلاء بدليل المعقول، وهو:

أنه تسلم العمل على أن يسلمه له، ويأخذ أجرته، وهو لم يسلمه كما وقع في العقد، فيلزمه الضمان (٣).

النتيجة: عدم صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لثبوت الخلاف فيها.


(١) "بدائع الصنائع" (٤/ ٢١١).
(٢) "المبسوط" (١٥/ ١٠٧)، "تبيين الحقائق" (٥/ ١٣٦ - ١٣٧)، "رد المحتار" (٦/ ٦٧ - ٦٨)، "روضة الطالبين" (٥/ ٢٢٨)، "شرح جلال الدين المحلي على المنهاج" (٣/ ٨٢)، "مغني المحتاج" (٣/ ٤٧٧)، "الإنصاف" (٦/ ٧٣).
تنبيهات:
الأول: أن مما يلفت الانتباه هنا ويثير في النفس الغرابة أن ينقل الإجماع عالمان من علماء المذهب، والخلاف موجود من علمين من أعلامه، وقد أعدت النظر في هذا أكثر من مرة متهما النفس، والذي يظهر -واللَّه أعلم- أن ذلك وهم منهما.
الثاني: الشافعية لم ينصوا على هذه المسألة، لكنهم يرون أن الأجير المشترك إذا لم يتعد أو يفرط ففيه طريقان عندهم: الأول: قولان وهو الأصح: قول: لا يضمن. وقول: يضمن. والثاني: قول واحد لا يضمن. والمسألة معنا من قبيل الأجير المشترك، فتكون عندهم رواية على الطريق الأول.
الثالث: الحنابلة كذلك لم ينصوا على هذه المسألة، لكن جاءت رواية عندهم في الأجير المشترك: أنه يضمن ما تلف من حرزه أو بغير فعله، فتدخل مسألتنا في هذا.
(٣) ينظر: "تبيين الحقائق" (٥/ ١٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>