للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها رقيقًا لسيدها الكافر، فلم يبح التزوج بها (١).

• الخلاف في المسألة: وقع خلاف في المسألة بين من يرى إباحة وطء إماء أهل الكتاب حتى بعقد النكاح عليهن، وبين من يرى منع وطئهن ولو كان بملك يمين، وهذا الخلاف على النحو التالي:

أولًا: ذهب الحنفية (٢)، ورواية عن الإمام أحمد (٣)، إلى القول بإباحة عقد النكاح على إماء أهل الكتاب، فتصبع زوجة. إلا أن الخلّال (٤) رد الرواية عن الإمام أحمد؛ وقال: إنما توقف الإمام أحمد فيها، ولم ينفذ له قول، ومذهبه أنها لا تحل (٥). وهو قول الشعبي، وطاوس، ومجاهد (٦).

• أدلة هذا القول:

١ - عمومات النكاح في قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤]، وقوله: {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ} [النساء: ٢٥]، وقوله: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٣].

• وجه الدلالة: أن اللَّه سبحانه وتعالى لم يفصل بين الأمة المؤمنة، والأمة الكافرة الكتابية إلا ما خص بدليل (٧).

٢ - قال تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: ٥].

• وجه الدلالة: الإحصان في لغة العرب عبارة عن المنع، والمنع يحصل بالعفة والصلاح، وإذا كانت الكتابية محصنة حل نكاحها حرة كانت أو أمة (٨).

٣ - كل أمَة حل وطؤها بملك اليمين، حل بعقد النكاح؛ كالمسلمة، وكل امرأة حل أكل ذبيحتها، حل للمسلم نكاحها؛ كالحرة (٩).


(١) "الروايتين والوجهين" (٢/ ١٠٥).
(٢) "بدائع الصنائع" (٣/ ٤٥٩)، "الهداية" (١/ ٢١٠).
(٣) "الإنصاف" (٨/ ١٣٨).
(٤) هو أبو بكر أحمد بن محمد بن هارون الخلّال، صاحب المصنّفات والكتب في المذهب، وكان له حلقة في جامع المهدي، وأنفق عمره في جمع مذهب الإمام أحمد وتصنيفه، توفي سنة (٣١١ هـ).
انظر ترجمته في: "طبقات الحنابلة" (٢/ ١٢)، "المقصد الأرشد" (١/ ١٦٦).
(٥) "الإنصاف" (٨/ ١٣٨)، "المغني" (٩/ ٥٥٤).
(٦) "الاستذكار" (٥/ ٤٩٣)، "بداية المجتهد" (٢/ ٧٥).
(٧) "بدائع الصنائع" (٣/ ٤٦٣).
(٨) "بدائع الصنائع" (٣/ ٤٦٣).
(٩) "الروايتين والوجهين" (٢/ ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>